استهداف المستعمرة: الأونروا والمخيم وحق العودة

كتب - حمادة فراعنة 

ينقسم الشعب العربي الفلسطيني إلى قسمين جغرافيين: القسم الأول هم جميع الذين بقوا مقيمين صامدين على أرض وطنهم، محبطين لأهداف المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، الذي عمل على طرد وتشريد الشعب الفلسطيني عن كامل وطنه، سواء في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أو في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967 أبناء القدس والضفة والقطاع.
أما القسم الثاني فهم أبناء الشعب الفلسطيني من اللاجئين المطرودين الذين تم رحيلهم عُنوة بالطرد والتهجير بعد عمليات القتل والتطهير العرقي، وكل وسائل العنف والقسوة الشديدة التي أظهرها الكاتب الاسرائيلي التقدمي الإنساني، الصديق للشعب الفلسطيني إيلان بابيه، في كتابه المرجعي الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية «التطهير العرقي في فلسطين»، الذي وصفه جون بلفر بقوله: «إيلان بابيه أشجع مؤرخ اسرائيلي واكثرهم تمسكاً بالمبادئ وأحدهم مضاء» .
  إيلان بابيه في كتابه المرجعي المعتمد على وثائق جيش الاحتلال الإسرائيلي قال إن كتابه وضعه «من أجل الفلسطينيين، ضحايا التطهير العرقي، وعندما يعودون فقط سأشعر أن هذا الفصل من النكبة بلغ النهاية التي نرجوها، والتي من شأنها أن تتيح لنا جميعاً العيش في سلام وإنسجام في فلسطين» وأبرز ما خلص له إيلان بابيه في كتابه إلى أن «الهروب الطوعي للفلسطينيين مجرد خرافة» بل تم ذلك بالتخطيط المبرمج، وأن المنظمات العسكرية الصهيونية ارتكبت عشرات المجازر، والطرد المنهجي للفلسطينيين من بيوتهم وأملاكم ووطنهم .
الولايات المتحدة عملت اعتماداً على تفوقها وانتصارها في الحرب العالمية الثانية ونفوذها السياسي، ودعمها للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي عملت على تغيير عناوين القضية الفلسطينية وهما قرارا الأمم المتحدة :1- قرار التقسيم وحل الدولتين 181 الصادر يوم 29/11/1947، 2- قرار 194 الصادر يوم 11/12/1948، المتضمن حق اللاجئين الذين طُردوا وهُجروا بالعودة الى بيوتهم، وتغيير الاهتمام بتنفيذ وتطبيق القرارين المذكورين، باصدار القرار 302 الصادر يوم 8/12/1949، المتضمن تشكيل: هيئة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين «الأونروا «، وبذلك تحول الاهتمام الدولي من الاستجابة لحقوق الفلسطينيين بالدولة المستقلة وفق القرار 181، و العودة إلى وطنهم وفق القرار 194، أصبح الإهتمام منصباً على «إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين خارج وطنهم»، وفق القرار 302.
الفلسطينيون هم الذين بادروا بتغيير الواقع، ومعطياته السياسية وولادة منظماتم الشعبية کالاتحاد العام لطلبة فلسطين ومؤسساته، وفصائله الكفاحية: 1- فتح، 2-جبهة التحرير الفلسطينية، 3- أبطال العودة، 4- شباب الثأر وتتويجها بقيام ولادة منظمة التحرير الفلسطينية في القدس يوم 28/5/1964، بقرار دعا له وعمل من أجله عبر القمة العربية الأولى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
  ما تسعى له المستعمرة الإسرائيلية بوضوح بالغ، باتجاهين:
 الأول شطب الاونروا وشيطنتها باعتبارها المؤسسة الدولية المفوضة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتدمير مخيمات اللاجئين سواء في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية، نحو إلغاء حق العودة، فالعناوين الثلاثة: الأونروا والمخيم وحق العودة هم العناوين التي تمثل الشعب الفلسطيني وعناوين وجوده خارج فلسطين، وتطلعات عودته واستعادة حقوقه بالعودة الى المدن والقرى والبيوت والممتلكات التي طردوا منها وعنها، وهي نقيضة مباشرة لمشروع المستعمرة وأهدافها.
والثاني العمل على جعل فلسطين في القدس والضفة والقطاع، غير مؤهلة للبقاء والعيش والكرامة والاستقرار لأهلها وشعبها وأصحابها الفلسطينيين، والعمل على الضم التدريجي لهذه المناطق إلى خارطة المستعمرة الإسرائيلية، عبر التوسع الاستيطاني ومصادرة الأرض وترحيل الفلسطينيين، وإعاقة حياتهم، وتنفيذ ما فعلته المستعمرة عام النكبة 1948، باحتلال 78? من خارطة فلسطين، وعام النكسة 1968، باحتلال ما تبقى من فلسطين، لتكون كامل خارطة فلسطين مئة بالمئة هي أرض إسرائيل، وذات أغلبية من اليهود الأجانب، ولذلك مشكلتها اليوم هي العامل الديمغرافي السكاني الفلسطيني حيث تسعى للتخلص منه.