الإشاعة الانتخابية خطورة لا تقل عن الجريمة الانتخابية

كتب - نيفين عبد الهادي 

«الإشاعة الانتخابية» ليست أقل خطورة من التجاوزات الانتخابية أو الجريمة الانتخابية، أو العنف الانتخابي، أو حتى الرشوة الانتخابية، فمن غير المعقول أن نسمع يوميا عن تجاوزات من مرشحين أو من مواطنين على مرشحين لمجرد أن سمع أحدهم بهذا التجاوز أو «قيل له» عن هذا التجاوز، لتكون النتيجة أن الأمر مجرد إشاعة أو تشويه صورة مرشح أو ناخب!!ّ.

لا يكاد أحدنا يفتح أيّا من وسائل التواصل الاجتماعي إلاّ ويقرأ يوميا عشرات التجاوزات التي ترقى لدرجة الجريمة الانتخابية في بعضها، وعن طلب التفاصيل يكون الرد «أنا لم أر ولم يُطلب مني إنما سمعت أو قيل لي»، ليزيد بذلك عبئا جديدا على الهيئة المستقلة للانتخاب إمّا بنفي ما يثار أو بالتحقق من قضية بالأساس غير موجودة، وما هي إلاّ إشاعة، ليصبح الأمر بواقع الحال يأخذ بالعملية الانتخابية في بعض جزئياتها إلى مكان ضيق تغيب به الإنجازات وتحضر السلبيات التي هي بالأساس غير موجودة.

لست بصدد استعراض ما قرأت خلال الأيام الماضية وحتى مساء يوم أمس من إشاعات، ومنها ما هو خطير جدا في موضوع الرشوة الانتخابية تحديدا، أو التعرّض للعنف الانتخابي، ما يجعل من الأمر سيئا، ويفرض أجواء سلبية، وطاقة غاية في السلبية، في حين تجعل البعض يعزفون عن التوجه للاقتراع، وكل هذا مبني على إشاعة تناقلها البعض لتصبح معلومة تتسارع الأصوات السلبية في تناقلها وتوزيعها.

الهيئة المستقلة للانتخاب، وبالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة تعمل وبأدواتها المختلفة على ملاحقة أي تجاوز على القانون أو مرتكب لجريمة انتخابية أو رشوة انتخابية، وكذلك المخالفات في الدعاية الانتخابية، والعنف الانتخابي، لا تتوقف للحظة عن متابعة ماكينة الانتخابات لتبقى تعمل دون أخطاء أو تعثّر، وفي الأصوات التي تظهر بين الحين والآخر، بل بين الحين والحين الذي يتبعه مباشر، لتتحدث عن مخالفات ورشاوي وتجاوزات دون الاستناد على أي معلومة لمجرد سماعه بما ينشر ففي ذلك تتساوى هذه الأصوات بما يقترف من جرائم انتخابية.

من لا يملك وثائق، أو وقع عليه التجاوز الانتخابي، وعُرضت عليه الرشوة الانتخابية، ليس من حقه أن يتحدث عن أي تجاوز أو مخالفة أو رشوة، ففي حديثه وإشاعة الخطأ جريمة تساوي ما نطق به من تجاوزات غير صائبة وغير حقيقية، مشوّها المشهد بإشاعات نطق بها البعض بعيدة كل البعد عن الحقيقة، بالطبع أنا لا أنفي وجود رشوة انتخابية أو تجاوزات أو مخالفات أو حتى عنف انتخابي، لكن ليس بالحجم الذي يتحدث به البعض وليس ببعض الحالات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، واقع الحال كما هي أي انتخابات بها سلبيات، لكنها ليست الجزئية السائدة، فهناك إنجازات ضخمة وعظيمة في الانتخابات وعلى مستوى وطني وكلنا معنيين بنجاح الانتخابات التي تجري في فترة زمنية حساسة ودقيقة في المنطقة، خيار أردني هام وشجاع علينا جميعا أن نشارك في نجاحه وليس العكس.

الكشف عن الخطأ مهمة وطنية، والإبلاغ عنه مسألة هامة جدا، ويد تمتد لمساعدة الهيئة المستقلة للانتخاب في نجاح الانتخابات النيابية 2024، لكن اختلاق الإشاعات ووضع العصا في الدواليب أمر مرفوض، وأمر يؤخر خطى النجاح، ويدفع لعرقلة الإيجابيات، وقد يؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات، ما يجعل من الإشاعة الانتخابية مسألة خطيرة ربما تحتاج تشريعا يحاسب مطلقها، وناشرها، وملاحقته كحال من يرتكب أي تجاوز أو جريمة انتخابية.