نماذج في الاحتيال الرقمي

كتب - د. ماجد الخواجا 

منذ دخول العالم بفجور عصر ( AI )، وحيث إن لكل فعل رد فعل، وأن لكل مرض عرضا، لكل دواء أثر جانبي. فقد توالت الأعراض والأوبئة السيبرانية التي استفحلت إلى درجة أنها تتسبب في خسائر بمئات المليارات تتكبدها دول العالم نتيجة القرصنة والإرهاب والجريمة الإلكترونية.

من المتوقع أن تبلغ قيمة الخسائر الناتجة عن الجرائم الإلكترونية العالمية بحلول 2025، نحو 10.5 تريليون دولار، بحسب شركة Cybersecurity Venture، وتسود توقعات بتسجيل ارتفاع صاروخي في الخسائر التي تتكبدها الدول جراء الجرائم الإلكترونية، إذ يرجح أن تقفز إلى 23.82 تريليون دولار بحلول عام 2027. لقد أصبحت الجرائم السيبرانية ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. وتضاعفت خسائر العالم المرتبطة بالجرائم الإلكترونية بنسبة 257% في 4 سنوات، بحسب بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. وسيزداد تضاعفها لتصل للذروة ما بين عامي 2028- 2030، حيث ستستنزف الإقتصاد العالمي بنسب مهولة لا تقدر دول العالم على تحملها.

سأقصر الحديث عن بعض حالات الاحتيال الرقمي التي يقع بها الأفراد والمجتمعات بشكل دائم ومتنامي ومذهل، فهي تطور أدواتها الذكيّة مستغلةً التطور التقني ببراعة تفوق فيها الصانع أو المكتشف لها. لكنه استغلال في الاتجاه المعاكس المدمر المظلم الذي يتغلغل ويعتاش في العتمة الإلكترونية Dark Web. ويترافق ذلك مع تقنيات ما تدعى ( بالهندسة الاجتماعية) وهي عبارة عن مجموعة من الحيل والتقنيات المستخدمة لخداع الناس وجعلهم يقومون بعمل ما أو يفصحون عن معلومات سرية وشخصية.

يحصل الاحتيال عندما يتمكن أحد المحتالين من الحصول على بيانات حسابك البنكي أو بطاقتك البنكية بطريقة أو بأخرى، بهدف إجراء حركات مالية غير مصرّح بها أو تحويل أموال من حسابك لحسابه. موظف من بنك.. مبروك! لقد ربحت 9,999 دينار»، ويطلب تزويده بمعلوماته البنكية ليتمكن من تحويل المبلغ لحسابه. كم أنت محظوظ! كانت السعادة لا توصف في هذه اللحظة، لكن المفاجأة الحقيقية كانت عندما فوجئ المغفل برسالة من البنك تخبره بسحب مبلغ 1,200 دينار من رصيده البنكي.

حالة ثانية : منتحل صفة موظف بنك يتصل برجل أعمال ويعلمه أن البنك بحاجة لتحديث بيانات حسابه البنكي لتجنب إغلاق الحساب، وطلب منه تزويده بكل معلومات حسابه. قام بإعطاء جميع بياناته للمحتال، خوفاً من أن يتم إغلاق حسابه. بعد نصف ساعة، كان رصيد الحساب صفراً. المحتال كان يتحدّث بنفس أسلوب موظف البنك، حتى أنه كان يسأل نفس أسئلة الأمان التي يسألها موظفي البنك، مثل: ما هي آخر عملية أجريتها على حسابك؟ وما هو رصيدك الحالي؟ وهذا ما جعل الأمر يبدو حقيقياً.

الثالثة: المشاركة في مسابقة عبر موقع تواصل، يطلب المحتال مشاركة معلومات البطاقة البنكية برسالة على الصفحة لفرصة ربح الجائزة، ثم يطلب مشاركة الرقم السري لمرة واحد (OTP) الذي سيصل عبر رسالة نصية. بعد تنفيذ ما تم طلبه، فقد تمكّن المحتال من تنفيذ عملية شراء أونلاين بقيمة المتاح في البطاقة البنكية. وأن رمز الـ (OTP) هو تأكيد لعملية خصم مبلغ من الحساب، وأن على أي شخص عدم مشاركته مع أي شخص على الإطلاق.

أنقر فوق الرابط هو مقدمة لسرقة الحسابات سواء البريد الإلكتروني او الواتس أب أو غيره، أما التسويق وعمليات الشراء عبر الإنترنت فهي مساحة كبيرة للاحتيال وسرقة الأموال.

تم اختيارك أنت الفائز، لكنك في الواقع تكون أنت الضحية والمستغفل والمخدوع.

حديث يطول عن جهات تزعم أنها تعمل الخير وتجمع التبرعات وتحفر الآبار وتبني المساجد، ناهيك عن جهات تزعم أنها تستثمر في أموالكن وغيرها تتخفى بما يدعى بالمضاربة، فيما الباب الأكبر للاحتيال يتمثل في التوظيف والتشغيل الذي يلج منه كل لحظة آلاف العاطلين عن العمل علّهم يتعلقون بشيءٍ من الأمل