لماذا لا يثور العالم الإسلامي انتصارًا للمساجد المدمرة والقرآن الذي حرقه الاحتلال في غزة؟
تقرير في مشاهد تنشر كل يوم وكل لحظة عن انتهاكات واسعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، تجاوز الاحتلال فيها كل الخطوط الحمراء من قتل وتشريد وسجن وتجويع واهانة، يتساءل الفلسطيني ألا تتطلب هذه المشاهد ثورات في العالم أجمع لردع الاحتلال ونصرة المحاصرين؟. هذه المشاهد لم تتوقف عند هذا الحد بل كان آخرها ما نشرته قناة الجزيرة من مشاهد مصورة التقطت بكاميرات جنود قوات الاحتلال وطائراته المسيرة، انتهاكات "بشعة" بحق مساجد في غزة وحرق المصاحف فيها، تعكس نازية الاحتلال وهمجيته. وتُظهر الصور التي نشرتها قناة الجزيرة، اقتحام جنود الاحتلال مسجد بني صالح شمال غزة وإحراق جميع المصاحف داخله، كما تبين الصور نسف الاحتلال المسجد الكبير في مدينة خان يونس، وهو أحد أقدم مساجد قطاع غزة، الذي شيد قبل 96 عاما، أي أن مسجد خان يونس الكبير أقدم من دولة الاحتلال بعقدين. وكانت طائرات إسرائيلية قد دمرت المسجد العمري التاريخي في البلدة القديمة بمدينة غزة الذي يعد من أقدم المساجد في العالم. ولم يكتف الاحتلال بتدمير المساجد فقط، بل قصف مساجد وهدمها على رؤوس المصلين، مثل مجزرة مسجد إحياء السنة في حي الزيتون في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إضافة إلى مجزرة مصلى مسجد الأبيض في مخيم الشاطئ الشهر الماضي، ومجزرة الفجر في مدرسة التابعين التي أدت لاستشهاد أكثر من 100 فلسطيني نازح بالمدرسة قبل أسابيع. ثورة إسلامية عارمة الشيخ عامر البياتي المتحدث باسم دار الإفتاء العراقية، أدان جريمة قوات الاحتلال الاسرائيلي إحراق نسخ من المصحف الشريف في مساجد قطاع غزة قبل نسفها وتدميرها. وقال البياتي في حديث خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، إن هذه الجريمة تمثل استفزازا لكل مكونات الأمة الإسلامية، وتتطلب ثورة وهبّة إسلامية عارمة". وأضاف، أن المشاهد التي عرضتها قناة الجزيرة ووثقتها كاميرات جنود الاحتلال في غزة، تظهر جريمة تفوق جرائم حرق المصحف في البلدان الغربية. وأوضح البياتي، أن هذه المشاهد ينبغي ألا تمر مرور الكرام، مشددا على ضرورة خروج الجماهير الإسلامية في كل أصقاع العالم الإسلامي تنديدا بهذه الجريمة. ونبّه إلى، أن العدو الصهيوني يظهر ضغائنه على العلن من خلال حرق المصحف الكريم وهذه الممارسات الدنيئة التي يستخدمها الغرب وبتحريك من اللوبي الصهيوني. المشكلة تكمن في الأمة بدوره، أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي القره داغي، أن الاحتلال "الإسرائيلي" تجاوز كل الخطوط الحمراء، خلال حرب "الإبادة الجماعية" المتواصلة على قطاع غزة للشهر الحادي عشر على التوالي. وقال القره داغي في تصريحٍ خاص بوكالة "شهاب" للأنباء: "العدو الصهيوني الغادر لم يبقِ شيئا مما يسمى بالخطوط الحمراء لا في الأديان ولا في القوانين ولا في الأخلاق ولا بالقيم، فقد فعل كل جرائم الإبادة وقتل الأطفال وحرق الناس والإهانة والاستهانة بالموتى والشهداء، بحق أهلنا بغزة". وبحسب "القره داغي"، المشكلة تكمن في الأمة الإسلامية والدول العربية ومعظم حكامها الذين لا يتحركون، بل بالعكس التطبيع لا يزال قائما، رغم كل هذه الجرائم اليومية التي يرتكبها العدو الصهيوني. ووفق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الاحتلال يواصل جرائمه الخطيرة جدا بحق أهلنا بغزة ومقدساتنا والمصحف الشريف؛ لأنه لم يجد من يردعه ويوقفه عند حده، بل يُطبع معه. وذكر أن الاحتلال يدنس المسجد الأقصى المبارك وينتهك حرمته وحرمة القرآن الكريم ويقتل أهالي غزة. وعقب قائلا: " لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون من قتل مسلم، عند الله سبحانه وتعالى". وأضاف: "هذا هو العدو فاحذروه، فقد تجاوز كل الحدود"، مستدركا: "لكن ألمي الشديد على أمتي العربية والإسلامية التي لم تقم بواجبها وخاصة الدول القادرة على فعل الأشياء الكثيرة وأن تتحرك". وتساءل: "أين ما كان في السابق، أين قضيتنا الأولى، أين اللاءات الثلاثة؟ كل ذلك مع الأسف الشديد، معظم قادة العرب تركوها وتجاوزوها". التأثير السياسي غائب ومن جانبه، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة، إنَّ مشاهد حرق المصحف الشريف وتدمير المساجد في غزة تأتي ضمن عنوان الإجرام الصهيوني. وأضاف المعايطة في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، "أن مشهد العدوان على غزة بكل تفاصيله من قتل وتدمير مساجد وإساءة للقرآن الكريم وغيره من التفاصيل مشهد له عنوان واحد هو الإجرام والعدوانية الصهيونية التي تؤكد بعد أكثر من ٣٢٠ يومًا أن العالم عاجز عن إيقافه أو التأثير على قرار حكومة الاحتلال لوقف مشروعها السياسي والعسكري في غزة". وشدد المعايطة على، ضرورة تصاعد الفعل العربي الرسمي والشعبي في الجانب الإنساني، "وألا يصيبه الكسل"، مشيرًا إلى أن الفعل العربي الصادق رسميا وشعبيا كان مؤثرا في الجانب الانساني نسبيا وفي التأثير على الرأي العام العالمي وهذا الأمر يفترض أن يتصاعد"، وفق تعبيره. ونوه وزير الإعلام الأردني الأسبق إلى، أن التأثير السياسي الذي يوقف الاجرام الصهيوني مازال غائبًا عربيًا ودوليًّا. ووفقا لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، فقد دمر الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 609 مساجد تدميراً كلياً و211 مسجداً بشكل جزئي. وفي إطار حرب الاحتلال المعلنة على دور العبادة دمر 3 كنائس في غزة، من بينها كنيسة القديس بورفيريوس وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم. وبدعم أمريكي، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة خلفت أكثر من 133 ألف شهيدا وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الاحتلال الحرب متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.