الملك يقطع على الأحزاب "نشوة الاستعجال".. "البرامجية والنضج" أهم من "الكراسي والمنصب

من اطلاع الملك على واقع عمل الأحزاب كانت إشارة النضج والتركيز عليها خلال اجتماعه مع صحفيين وإعلاميين وسياسيين أخيرًا واضحة ولها دلالات بعيدة المدى ، وهو الأمر الذي يعني أن فرض الأحزاب على واقع الحياة السياسية يحتاج لمراحلية مطلقة، وبالتالي لن تكون نشوة الوصول إلى مراكز صنع القرار العليا أو حتى إلى الغالبية الحزبية في مجلس النواب أمر سهل على الأقل لحين تقبل فكرة الأحزاب بعد انتهاء الانتخابات النيابية وما ستفرزه من نتائج. 


لهجة الملك واختيار أسماء صحافية وإعلامية معينة يفسر أن هناك حالة من عدم الرضا عن واقع عمل الأحزاب مع إعطاء دفعة تشجيع نحو الاستمرار بما يلبي حاجة التحديث السياسي، واللافت أن الملك قال جملة مهمة جدًا تستدعي الوقوف عندها وهي أن "الموطن يختار الأكفأ"، وهذا ما قد يخفف من وطأة الحدة والتنافس المشتعل بين الأحزاب والمرشحين كافة للوصول إلى المجلس، وينهي استخدام الضغط غير المشروع لإجبار الناخب على التصويت مقابل شراء الصوت. 

الأهم أن ما تطرق إليه الملك في اجتماعه الأخير كان يتوافق مع تصريحات سابقة لساسة ومراقبين قالوا فيها إن حالة الاستعجال عند الأحزاب هي بمثابة ولادة غير طبيعية ولن تستطيع إكمال ما بدأت به إذا استمر العمل والنهج على فكرة الشخوص والرغبة السريعة في الوصول إلى سدة القرار، إذ لا يمكن لأي حزب ومهما كانت صبغته القدرة على تشكيل حكومة حزبية دون النضج والوعي بأن الأحزاب تحتاج على الأقل لأربع دورات للوصول إلى التفرد والتكاملية. 


كذلك تطرق الملك في حديثه ذي الصبغة الحزبية السياسية في وقت يشهد الأقليم تطورات سريعة ولافتة، عن توفير البيئة المناسبة للأحزاب والمرشحين هو تصريح دخول نحو حياة حزبية أكثر مرونة وحرية في ظل كل المنغصات التي تحول دون التطور الحزبي الذي غاب كثيرا عن الأردن بأوقات سابقة ولأسباب مختلفة ، إلى جانب استخدام مصطلح تقديم البرامج الواقعية وهي رسالة واضحة جدا للمرشحين لتجنب الشعارات العاطفية واللحظية، والتركيز على رؤية عمل برامجية، وهذا يؤكد أيضًا على تصريحات المسؤولين المعنيين ومنهم الهيئة المستقلة للانتخاب بأن الشعارات حاليًا تطغى على البرامج الفعالة المقنعة القادرة على اختراق عقول الناخبين للخروج يوم الاقتراع والمشاركة في الاستحقاق الدستوري.