التطهير العرقي.. فلسفة إجرامية قام عليها الكيان الصهيوني

كتب - علي ابو حبلة 

دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى إخلاء مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية المحتلة، والتعامل معه بالطريقة نفسها التي تتعامل بها إسرائيل مع قطاع غزة، وفق ما ذكرته وسائل إعلام عبرية

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الأحد، أن تصريحات كاتس جاءت خلال جلسة مغلقة، الأربعاء جمعته مع قادة مجلس «ييشع» (يشمل جميع المجالس البلدية للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية)، لبحث الوضع الأمني في الضفة الغربية.

وفي الاجتماع، زعم كاتس الذي ينتمي إلى حزب «الليكود» الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن «مخيمات اللاجئين هي بؤرة الشر، فهي ليست تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بل تحت سيطرة إيران».وأضاف وزير الخارجية الإسرائيلي: «يجب إخلاء مخيم جنين للاجئين من مواطنيه، ويجب معاملته مثلما نتعامل مع قطاع غزة»، في إشارة إلى قصفه وتدميره وتهجير سكانه.

بازار التصريحات التي تصدر عن اليمين الصهيوني المتطرف من أمثال وزير الخارجية كانس ووزير المالية سومتي رش ووزير الأمن الداخلي يتمار بن غفير ووزير التراث وغيرهم من الائتلاف الحكومي لحكومة نتني اهو تدلل على العقلية الفاشية والاقصائية وتندرج تحت مفهوم فلسفة التطهير العرقي يراد من خلالها تشكيل حالة من الرأي العام الضاغط الذي يزرع الرعب في نفوس الفلسطينيين ليس خوفا على أوطانهم، فحسب وإنما خوفا على أعراضهم.

وقد دأبت الحركة الصهيونية منذ اغتصاب فلسطين عام 1948م واعتمدت في تهجيرها السكان الفلسطينيين على فلسفة التطهير العرقي، والقيام بعشرات المجازر، وتهويل نشر أخبارها في صفوف الفلسطينيين.

واعترف بذلك مناحيم بيغين الذي ترأس حكومة الاحتلال لمرات عدة والذي شغل رئاسة فيلق في منظمة «اشتيرن» إبان نكبة عام 1948م في مذكراته التي حملت عنوان «التمرد» والتي نشرتها مترجمة الهيئة المصرية العامة للكتاب. وقال في مقدمة كتابه: «لولا دير ياسين ما أقمنا الدولة»، ويسهب أن عصابته تعمدت القيام بمجموعة من «المذابح المتواضعة»، لكن كانت الحركة الصهيونية تعمل عبر بعض الإذاعات المحلية، والصحف المبتدئة، وبمساندة من الإعلام البريطاني على تهويل حجم هذه المذابح، وإرفاقها بأخبار حول انتهاك الأعراض حتى يصاب الفلسطيني بحالة من الرعب تدفعه نحو مغادرة مكان سكناه.

ما يرتكب من مجازر وتدمير لكل مقومات الحياة في غزه والضفة الغربية انعكاس للفكر الفاشي والاقصائي لليمين الصهيوني المتطرف ويجب التوقف عند تصريحات وزير الخارجية كاتس وتصريحات سومتي رش الداعية لتجويع سكان غزه وحرق حواره وممارسات وسياسة وزير الأمن الداخلي ابن غفير ضد الأسرى و جميعها تندرج ضمن مفهوم فلسفة التطهير العرقي استنادا للباحث الصهيوني المنصف «إيلان بابه» في رسالة دكتوراه قدمها لجامعة حيفا بعنوان «التطهير العرقي في فلسطين» من خلال دراسة بحثية للوثائق الصهيونية، ومقابلات مع فلسطينيين عاصروا النكبة، ومتخذا من مذبحة الطنطوره في حيفا ودير ياسين في القدس نماذج حية.

وخلص «ايلان بابه» في دراساته إلى أن ما جرى في عام 48 لا يسمى ترانسفير، وإنما هو تطهير عرقي؛ حيث اعتمت الحركة الصهيونية منهج التطهير العرقي فلسفة مبرمجة في تهجير الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948م، ما دفع جامعة حيفا بسبب إنصافه الفلسطينيين وإدانته الحركة الصهيونية، إلى سحب درجته العلمية.

ما يجري في غزه والضفة الغربية هو امتداد لسياسة التطهير العرقي لترحيل الفلسطينيين عن وطنهم فلسطين ودعوة كانس لترحيل وتهجير سكان مخيم جنين يعد انتهاكا انتهاكا للقانون الدولي؟

ويعتبر الترحيل القسري «انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان» بحسب المفوضية وهي تتعارض مع العديد من الحقوق خاصة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والإعلان الدولي لحقوق الإنسان.

وخلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى أن «عمليات الإخلاء والترحيل القسري تتسم عموما بالتمييز أو تؤدي إلى التمييز»، والتي تزيد من عدم المساواة وتنامي الصراع الاجتماعي و»الفصل والعزل» لشرائح من المجتمع.

وذكرت اللجنة ذاتها في»القرار 77» الصادر عام 1993، أن «عمليات الإخلاء القسري» تتسبب «بصدمة حقيقية. بل إنها تزيد من تدهور حياة المهمشين أصلاً أو الضعفاء في المجتمع. كما أنّها تنتهك مجموعة واسعة من حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، بما فيها الحقوق في السكن اللائق والغذاء والماء والصحة والتعليم والعمل والأمن الشخصي والتحرر من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وحرية التنقل.

المجتمع الدولي مطالب « للتعامل الجاد مع هذه التصريحات الفاشيّة، واعتبارها دليلًا دامغًا على مآرب الاحتلال الإباديّة حيالَ الشعب الفلسطيني « وهذا يتطلب مسائلة ومقاضاة قادة الاحتلال وضرورة إلزام حكومة الاحتلال وانصياعها للقانون الدولي ، ووقف حرب الإبادة الممنهجة على الشعب الفلسطيني بشكل فوريّ» مع ضمان حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.