إلى متى ستهربون من المواجهة الحتمية؟!

كتب - إبراهيم عبد المجيد القيسي 

قد يبدو السؤال موجها لجهة معينة، باعتبارها طرفا نشطا في المواجهة مع الحركة الصهيونية الشيطانية، وقد تقفز إيران وحزب الله، أو ما يسمى محور المقاومة، باعتباره هدفا واضحا لهذه الجولة من المواجهة، التي تتخذ من فلسطين وقطاع غزة على وجه التحديد، منطقة عمليات إجرامية ومسرحا لحرب إبادة، من بين أهدافها استعادة «صورة الردع» التي تم تهشيمها يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.. ليس محور المقاومة وحده الذي يجب أن يجيب عن هذا السؤال، بل هو سؤال عالمي بشكل عام، اسلامي _ مسيحي_ عربي بشكل خاص، وإن أردنا أن نصنف الجهات التي يجب عليها أن تجيب عن هذا السؤال، حسب الأولويات، فربما يكون محور الممانعة، إضافة للشعوب العربية، هي الجهة ذات الأولوية الأهم، لأنها الهدف المعلن الأقرب للتمدد الصهيوني.

لا يستغرب شخص واع ومدرك _ ولو قليلا_ لحجم الشر المستطير، الذي تضمره هذه الحركة الإجرامية العنصرية الخبيثة للعالم، ولعل تتبع ما تقوم به الآن في فلسطين وحولها، يبين حجم الخطر، ويكفي دليلا على ضخامة وبشاعة الخطر الكامن خلف مخططاتها الإجرامية، فكيان مثل إسرائيل، الذي يعتبر ذراعا إجرامية لا قوانين تقيدها، ولا تحديات أمامها للحصول على الدعم الكامل من حكومات أمريكية وغيرها، حتى هذه الحكومات هي ذراع أخرى في يد هذه الحركة العنصرية، وكل هذه الأذرع تعمل وفق قرارات يتم اتخاذها بشكل «ديمقراطي»، لا علاقة له لا بقوانين الآخرين، ولا يتوقف أمام منظومة أخلاق أو حقوق الآخرين، سيما وأن منظومة كبيرة من الميديا تدعم أي قرار تتخذه الحركة الصهيونية المجرمة..

كل العالم الحر الذي يؤمن بحقوق البشر وقوانين الحياة الإنسانية على الكوكب وفي الكون كله، كله متضرر من تمدد واستقواء الحركة الصهيونية، وكله في عين الخطر، لكن وكما ذكرنا سابقا، الآن تدور رحى حرب إبادة تعتبرها الحركة الصهيونية، حربا إبداعية، تقدم فرصا استثنائية لتنفيذ مخططاتها التي ربما كانت تعاني عوائق ما قبل هذه الحرب، لكنها تطارد مصالحها، وكل الكيانات التابعة لها «تتنافس» في تحقيق الممكن مادامت القوانين والأخلاق غائبة..

فما الذي يضمن أو يمنع أن تتمدد الشركة المجرمة «إسرائيل» لتنفيذ جزء من مخطط الدولة اليهودية الكبرى أو ما يعرف باسم «حلم اسرائيل بأرض من الفرات إلى النيل»؟!.. هذا السؤال هو الذي يجب أن يحصل على إجابات من كل مواطن وحكومة في المنطقة المستهدفة بالمشروع الصهيوني المعلن، سيما وأن جوانب كثيرة توضحت، لا سيما المتعلقة بأكذوبة حقوق الإنسان، حيث أثبتت الصهيونية وحكوماتها في أمريكا وأوروبا بطلان هذا الادعاء، وتبين بأنه مجرد دعاية، لتأمين ظروف أخرى للتمدد والتمكن من التحكم في حكومات الدول العربية وابتزازها، لكن بعد أن كشفت أمريكا عن دورها في خدمة الصهيونية العالمية، ودعمها الكامل غير المتحفظ للكيان المجرم وأن الحرب في غزة وضد كل من يقف ضد اسرائيل، هي حربها، فعن أي ضمانات سيتحدث المتحدث، لعدم احتلال أجزاء جديدة من الوطن العربي، وقتل وتهجير بل وإبادة سكانه، والسيطرة عليه وضمه لحدود الكيان الإسرائيلي المجرم؟

مهما كانت أخلاقيات وانضباط الأنظمة العربية، فهي لن تشفع لأي نظام لو سنحت الفرصة للصهيونية أن تقوم بعملها، وأن تجد ظروفا مناسبة لتنفيذ جزء جديد من مشروعها الإجرامي، ولن يكون أي شعب عربي من الشعوب الحالية بمنأى عن «الإبادة»، بل ستكون أسهل بكثير بالنسبة للمجرمين الذين ينفذونها، لدى هذه الشعوب، مقارنة بالشعب الفلسطيني.. فإن كانت إبادة الشعب الفلسطيني تجري بشكل «إبداعي ملهم» بالنسبة للصهيونية، فلن تكون عليهم أصعب من تحريك سكين لتقطيع «الكعكة» بالنسبة للشعوب الأخرى..

هذا الخطر داهم، ويجب أن لا نشغل أنفسنا بالإجابة عن سؤال «اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة»، فهو ربما يكون يوم دولة عربية أخرى، فكل الاحتمالات قوية وممكنة بالنسبة للمجرمين.