عمان «غاضبة»
كتب ـ د. محمد كامل القرعان
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في 7 تشرين/ أكتوبر، 2023 تركزت الأنظار على الموقف الأردني من بين المواقف العربية الأخرى.
موقف عمان السياسي كان الأكثر وضوحًا تجاه الاحتلال الإسرائيلي، من حيث: مطالبته بوقف العدوان على غزة، ورفض الأهداف الإسرائيلية؛ التي تريد تحقيقها بتفريغ قطاع غزة من سكانه، وكان واضحًا للأردن أن إسرائيل تريد أن تستغل ما حصل يوم السابع من أكتوبر لتحقيق أهداف سياسية كبرى، وتحقيق منعطف ومرحلة جديدة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية.
الأردن يعي جيدا خطاب اليمين الإسرائيلي، وما يريده من تلك الحرب؛ لذلك أعلن جلالة الملك مرارا أنّ أيَّ حلّ لا يردّ الحقوق الفلسطينية إلى أهلها سيكون مصيره الفشل، والمزيد من العنف والدمار، كما أكد جلالته رفضه أيَّ خطة تتعلق بتهجير الفلسطينيين، أو إعادة احتلال إسرائيل لغزة، وحذَّر من انفجار الأوضاع مُجددًا في الضفّة الغربية، واتساع رقعة الصراع؛ إذا ما استمرت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية على أبناء الشعب الفلسطيني.
وما زال الموقف الأردني ثابتا وواضحا من بداية العدوان الاسرائيلي على غزة واتخاذ إجراءات فورية دبلوماسية تفرض وقف العدوان الإسرائيلي، و”الوقف الفوري والدائم للنار في غزة» بصفة غير محدودة بل ظهرت أولوية إدخال المساعدات على غزة لاغاثة الغزيين ووضع حدة لسياسة المجاعة التي تنتهجها اسرائيل ضد الغزيين، وحرصت عمان على أن يكون لها «دور إيجابي في تخفيف حدة الازمة من خلال الدفع باتجاه عقد صفقة او اتفاق لوقف الحرب وتبادل الاسرى لدى المقاومة الفلسطينية من جهة والسجناء الفلسطينين لدى إسرائيل من جهة اخرى.
وتبنت الدولة أسلوب التعبئة الدبلوماسية دوليا لدعم غزة ومطالبة إسرائيل بالكف عن استهداف المدنيبن والطواقم الطبية والمنظمات الدولية الإنسانية هناك؛ ودعم جهود محكمة العدل الدولية ضد المجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الغزيين، وكان خطاب الدولة يتماشى مع فتح المجال للتظاهر الشعبي السلمي لصالح القضية الفلسطينية، الداعم لوقف العدوان، والرافض لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير.
فيما دعا جلالة الملك أطراف المجتمع الدولي الفاعلة للاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لـ(وقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة). وطالب جلالته بالعمل دون إبطاء على الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة لوضع حد لحالة الحصار الجائر الذي تفرضهة اسرائيل،وشدّد جلالته خلال جهوده التي بذلها دوليا على ضرورة التصدي لكل محاولات التهجير القسـري للفلسـطـينيين من أراضــيهم.ومن اتساع دائرة العنف وتوسعها على عدة جبهات بما يعرض المنطقة برمتها لخطر نشوب حرب اقليمية لا تحمد عقباها.
كما أعلن الأردن انسجامه ووقوفه إلى جانب أي موقف لوقف الحرب ورافض للتهجير، وأن ما تقوم به إسرائيل – بمنع الغذاء والماء والدواء عن أهل غزة- جرائم حرب.
كما صرَّحت الملكة رانيا للإعلام الغربي بأن إسرائيل ترتكب جرائم وحشية تحت غطاء الدفاع عن النفس، مذكرةً بأن القضية الفلسطينية لم تبدأ يوم السابع من أكتوبر، وأنها قضية عمرُها خمس وسبعون سنة من معاناة الشعب الفلسطيني واحتلاله، وأن إسرائيل تصنف كدولة فصل عنصري من قبل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية.
فيما كانت تصريحات وزير الخارجية اطأيمن الصفدي أكثر حدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي؛
هذا المشهد حول العلاقة بين (الأردن وإسرائيل) من علاقة متوترة يشوبها بعض اللوم ويتخللها دور الأردن كدور فاعل في المنطقة باتجاه الدفع نحو اتفاق التهدئة وكطرف قد يتأثر أمنه، إلى لهجة أكثر حدة، بل وإجراءات تصعيدية من الجانب الأردني، وتقارير عن تأثر اتفاقية السلام بين البلدين، التي تعد حجر الزاوية في علاقتهما؛ ولم تخفي دولة الاحتلال قلقها من توتر العلاقة مع عمان.