نصوص دونكيشوتية مطلوبة

كتب - إبراهيم عبد المجيد القيسي 

من بين الدروس الكثيرة التي جاء بها طوفان الأقصى «7 اكتوبر يعني»، درس تعلمته شخصيا، وهو براعة الآخر «المجرم الصهيوني أعني» في صياغة خبر اعلامي يخدم موقفه ومخططه، وأصبحت تقريبا أفهم ما وراء كل خبر وجهد سياسي وديبلوماسي متعلق بحرب الإبادة حول العالم، بعد أن أيقنت أن «اسرائيل» مجرد مؤسسة إجرامية إرهابية خارجة على كل القوانين والأعراف والأخلاق البشرية، تنفذ أجندة ارهابية صهيونية دولية، ومن بين الأخبار والحملات من هذا النوع، اتناول موضوع تعيين «السنوار» رئيسا للمكتب السياسي لحماس، ويجب قبل أن أتحدث عن ما يمكنني تسميته بـ» النصوص الدونكيشوتية»، التي تتماهى مع الأجندة المجرمة، وسعيها لإكمال حرب الإبادة «الخلاقة بالنسبة لهم»، يجب ان أذكر هنا بأن لا أحد لا يعيش في غزة، ولا يعاني أو يواجه ما يعانيه ويواجهه الناس هناك، لا يحق له أن يبين لهم او لنا ما هو المنطق، فالمنطق والموضوعية هم من يحددونهما بالنسبة لنا، نحن معشر الناس غير المعنيين، حيث لم نمر بساعة واحدة مما يواجهه هؤلاء الناس على امتداد فترة احتلال فلسطين العربية.. يجب ان نتمسك بهذه الحقيقة البديهية، قبل أن نحلل ونحرم ما يجب أن يفعله شخص، يجري تقطيعه حيا وتعذيبه بشتى أساليب الإيلام والتحدي والتوحش والبربرية.
بناء على هذه الحقيقة، يتحدث ويعمل من وظيفتهم غسل ودفن الموتى، بأن :
حماس أخطأت بتعيين السنوار، فهم بحاجة لشخص سياسي بارع في التفاوض (التفاوض طبعا من أجل قتل رحيم للفلسطينيين في غزة، وليس لوقف الحرب وعودة الناس وتحرير الأسرى الفلسطينيين، ووقف كل أشكال الانتهاكات الاسرائيلية العنصرية، سواء بحق البشر في فلسطين أو بحق ارضهم، أو مقدسات الإسلام والمسيحية)..
وأن:
على ايران وحزب الله وكل المعنيين، ان لا يقوموا بأي رد على الجرائم التي قامت بها الدولة الارهابية، من اغتيالات في إيران ولبنان وغيرهما، لأن «البعبع نتنياهو» مأزوم سياسيا ويسعى لتوسيع ساحة المعركة، وعلى  صعيد مواز تقوم الخارجية الأمريكية بتحميل السفراء ووزراء الخارجية من كل دولة، برسائل، فحواها «تهديد» كل من ايران ولبنان بمحو مدن وضواح، وتدميرها في ضربة واحدة، لتصبح كغزة..الخ.
بينما النص «الدونكيشوتي أيضا» المناسب للرد على هذا الخطاب الماكر، هو ما يفهمه من يقتنع بالمقاومة وأهميتها، وفرادة فلسفتها وسمو أهدافها الداعية للتحرر والكرامة، واستعادة الحقوق، ومعاقبة المجرم، وإجهاض المخطط العدواني الذي يهدد أمن واستقرار وحياة وحقوق كل مواطن عربي ومسلم ومسيحي.. فهم مقتولون ومعرضون للإبادة عاجلا أم آجلا، والذي ينفذ هذه الجرائم بحقهم، مجرم، جبان، ليس بهذه القوة، ولا يمكنه الصمود أمام هذا المنطق الداعي للتحرر.
لماذا، بل ما الخسائر التي يخشاها الحر صاحب الحق، ما دامت نهايته حتمية، ومعلنة بالنسبة للمجرم القاتل؟! ولماذا لا يجري فتح المعركة وتحقيق إصابات بليغة في الكيان المجرم (مثل 7 اكتوبر يعني)، بتدمير بناه التحتية او بعضها، وتدمير «أحياء أو مدن من مدنه وقراه ومعسكراته)، كما يفعل في غزة والمدن العربية الأخرى؟ هل يعتقد «دونكيشوت نفسه يعني» بأن مثل هؤلاء المجرمين سيمنحونهم حقا حريتهم، وأنهم سيتراجعون عن أجندتهم الشيطانية؟ لماذا يتراجعون وهم يكسبون جولاتهم، وينفذون جرائمهم كلها بلا حسيب ولا رقيب؟ أعني أنه غباء لو تراجعوا بلا ردع مقنع، يجعل كل مجرم محتل يعيش في فلسطين المحتلة أن يفكر في مستقبله في بيت مسروق، او على الأقل يفكر «اكمن مرة»، قبل أن يحاول أن يسرق بيتا آخر في بلدان عربية او اسلامية أخرى.
هناك منطق ذليل، يجري فرضه على الناس المستهدفين، يذلل كل العقبات أمام المجرمين العنصريين، لينفذوا ما يشاؤون من جرائم، في كل مكان، ولن يرتدعوا إلا إذا ضربهم طوفان الأقصى من خارج فلسطين المحتلة.