التطرف والتفوق لدى المستعمرة

كتب ـ حمادة فراعنة 

لم تتأثر مواقف أغلبية المجتمع الإسرائيلي من الوقائع والأحداث الجارية، ومن سياسات نتنياهو وفريقه الائتلافي الحزبي، الذي نجح في العمل نحو كسر قواعد الاشتباك، وتجاوز الخطوط الحمراء، وتوسيع جبهة المواجهة، ونقلها من فلسطين إلى خارجها، خدمة لمصلحته الشخصية الأنانية الضيقة، وتعزيزاً لبقاء حكومته واستمرارية نهجها العدواني المتطرف، والعمل على زجّ الولايات المتحدة في مغامراته السياسية، حيث استجابت الإدارة الأميركية لتوجهاته، وحشدت القوات، وجلبت الأساطيل نحو المنطقة، لمواجهة إيران والفصائل العربية المقاومة الحليفة، دعماً لنتنياهو وحكومته ومغامراته.
صوت المطالبة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار ما زال محدوداً، ودعوات معالجة القضية الفلسطينية لدى الإسرائيليين تكاد تكون معدومة، فالاحتجاجات والتظاهرات تتناول قضاياهم الداخلية، ولم ترتقِ ولم تصل إلى مستوى تناول معاناة الشعب الفلسطيني المذبوح الموجوع النازف على يد جيش الاحتلال في الضفة والقطاع، بشكلٍ همجيٍّ فاشيٍّ عنصريٍّ متطرف.
ليبرمان، أحد قيادات المعارضة، يدعو إلى مواصلة اعتقال الشيخ عكرمة صبري، حتى يتمَّ ردعُ أي شخص أو فئة يمكن أن تتحرك ضد الخيارات الإسرائيلية، يدعو حكومة نتنياهو إلى اعتقال الشيخ الهرم، على خلفية التأبين وصلاة الجنازة والرحمة للشهيد إسماعيل هنية، فهل ثمة تطرف وعقلية متخلفة، مسكونة بالخوف والقلق والعنصرية والعداء لكل ما هو فلسطيني، أكثر من ذلك؟!.
جدعون ساعر، أحد قيادات المعارضة، يدعو ويُحرّض الحكومة ويدعوها للهجوم على إيران ولبنان، قبل أن تتحرك أيّ جهةٍ ضد المستعمرة، أي أنه يدعو للمبادرة إلى تفجير الحرب، وأن تكون المستعمرة هي البادئة، بهدف إيجاد الخلل والضعف لدى الطرف الآخر. إنهم جاهزون للحرب ويعملون لأجلها، ما يُدلل بشكل قاطع على أن التوتر وعدم الاستقرار في منطقتنا يعود إلى وجود المستعمرة وسياساتها وأطماعها التوسعية، ونزعات القتل والتدمير لديها، فهي التي لا تزال تحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، وتمارس القتل المفتوح بلا حدود.
ما يقوله ويدعو إليه ليبرمان وساعر يعكسان المزاج والمناخ السائدَين لدى أغلبية المجتمع الإسرائيلي الذي لا يراعي أيّ قتل للشباب والنساء والأطفال وكبار السن، أو أيّ مُحرمات، فالاستفتاء الذي أجرته صحيفة معاريف العبرية أعطى حصيلة أن 69 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون عمليات الاغتيال، حتى لو كانت نتيجتها تعطيل صفقة تبادل الأسرى، وعدم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
جموح إسرائيلي لن يوقفه ولن تردعه المعطيات الجارية، وهو يحتاج إلى «لطمات» سياسية وعملية، حتى يستيقظ من أحلام أطماعه، وأوهام تفوّقه، ونظرته المرضية الدونية للفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين.