من يستقبح القبيح عليه أن يستملح المليح

كتب ـ رمزي الغزوي 

أراني من المتفائلين بأننا سنعبر خلال السنوات المقبلة إلى حالة من الحزبية البرامجية تكون هي الفيصل في حياتنا السياسية والاجتماعية، ليس مع المجلس النيابي القادم، بل بعد دورتين أو ثلاث دورات انتخابية للبرلمان، وبعد أن تكدح الأحزاب وتعمل بصدق على تجذير كينونتها في المجتمع بعيدا عن الرؤية المصالحية الضيقة.
أعرف تماما أن التفاؤل والمتفائلين، لا سيما في هذه الأيام، يثيران حفيظة من يرون الأمر خروجاً على مألوف يكرّس التشاؤمية، وانسداد الآفاق، بل ويريدونك أن تبقى في دائرة توقعهم، بأن تذم المشهد وتلعنه، وتبخل بأية إشادة لفعل أو عمل قد يكون صالحا ونافعا وذا بشرى طيبة.
ثمة من هم بيننا الآن ويرون أن من يشير إلى أي شيء إيجابي مزدهر في حياتنا بأنه ساذج وقصير نظر، وأنه لا يقرأ المشهد قراءة حصيفة بعين العقل بل هو يقدم عواطفه وأمنياته وأحلامه. ونعرف أيضا أن لدينا كثيرا ممن دأبوا على تكسير مجاديف كل الآملين بالتغيير وتحطيم شغفهم.
كل ذلك لا يعني لي شيئاً، ولا يثبط من عزمي شخصيا. بل ما يعنيني في زاويتي هذه منذ بدأت الكتابة فيها قبل أكثر من عقدين من الزمان، أن أستملح المليح وأستتقبح القبيح. وألا أخشى لومة لائم في أن أمتدح حالة مضيئة أراها. فكما أعطي الحق لنفسي، أن أدين وأذم الباطل علي أن أشير بالرضى وعين إلى حالات اراها في تندرج في خانة الحق. فهذا هو العدل.
قبل أيام كتبت مشيدا على صفحتي في فيسبوك بأحد الأحزاب حين جعل امرأة شابة على رأس قائمته الوطنية، وفي ذيلها كان أمين عام الحزب. قال لي بعض الأصدقاء بأن أتروى وأنتظر. ولا أعرف ما الذي علي أن أنتظره؟ فالأمر بسيط، أنا رأيت حالة طيبة وقلت إنها طيبة، كوني عايشت زمنا كان لا يقام فيه للمرأة مجلس عزاء، وتنادى بأنها حرمة.
حالة مضيئة أخرى تحدثت عنها ممتدحا حزبا قدم في رأس قائمته الوطنية للانتخابات شبابا مبدعين منخرطين في أعمالهم. رأيت ذلك مفرحا وينبئ بالتغيير المطلوب. لكن الإشادة لم تجد الرضا عند من اعتادوا لعن الظلام دون أن يبادروا بشمعة يوقدونها.
في الجهة المقابلة، صفق كثيرون لمنشور قلت فيه إن بعضا من القوائم الوطنية الخمس والعشرين التي ستخوض الانتخابات تحفل بكثير من الحشوات، أي الأسماء التي ما كانت إلا لإكمال العدد وتحقيق شروط الترشح فقط واستجلابا لأصوات من هنا وهناك.