حزب الله لا يخشى التصعيد

كتب _إبراهيم عبد المجيد القيسي 

براءة حزب الله من حادثة مجدل شمس؛ القرية السورية التي تحتلها اسرائيل، لا تعني خشية الحزب من التصعيد الإسرائيلي المتوقع، لا بل هم يريدونه، فلدى الحزب جهوزية وحزمة من مفاجآت يريد تقديمها للدولة العنصرية المجرمة، ولمجرمي الحرب الذين يعملون على أجندة «أمريكية»، ولكل صامت عن أبشع حرب إبادة عرفها التاريخ البشري، التي مهما وصفناها فلن نوضح حجم بشاعتها، وقد أرادها المجرمون هكذا، أعني أبشع وأقذر وأظلم.. وما شئتم من الأوصاف التي لم يشهدها التاريخ البشري، وإن حدثت مذابح في حروب تطهير سابقا، فهي لم تكن بهذا الوضوح والتحدي..

إن كان المنطق يحتم على الأسوياء أن يتمنوا عدم توسيع رقعة الحرب، فعلى عكس هذا المنطق تماما، ربما يكون في توسيعها انفراجا، ومزيدا من تعرية للمؤامرة الكبرى ومجرميها، ومن ناحية أخرى، يجب أن يجري اختبار «جبهة المقاومة» التي نجحت أمريكا بتحييدها، وعدم إدخالها في الجبهة بشكل رسمي، حتى وإن كانت هناك اشتباكات وحوادث وضحايا على جبهة حزب الله والحوثيين، فإن أمريكا لم تعط الضوء الأخضر فعلا على فتح جبهات حقيقية على هذين المحورين، لكننا ربما نكون على موعد مع دخول رسمي لهذين الطرفين أو أحدهما على الأقل، في الحرب المستمرة، التي يباد فيها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.

لو تم فتح جبهة مع المقاومة التي يمثلها حزب الله اللبناني، وتعرضت قوات الاحتلال ومواقعه الحيوية لضربات مؤثرة، فهذا بالتأكيد سيدفع كل من يقفون هذه الحرب لمراجعة حساباتهم، فهم ليسوا على استعداد لتوسيع ساحة المواجهة، لأنهم يتلذذون بمحاكاة الشاشات لمزيد من قتل في غزة، وهم يقومون بنزهة ورحلة صيد وتدمير ليس إلا، بينما سيكون الأمر مختلفا مع الجبهات الأخرى، فهي ليست محاصرة كسجن غزة، وثمة معارضة شديدة لعملهم المجرم، وفي حال تم فتح جبهة مع أطراف «غير محاصرة»، فلا أحد يمكنه أن يتوقع موقف الجهات الأخرى التي لا يمكنها تقديم شيء في ساحة الإبادة في غزة، بينما يمكنهم فعل ذلك في أية منطقة أخرى، تجري فيها مواجهات مع الجيش العنصري المجرم. ما زلنا نلاحظ الجهود الأمريكية التي انطلقت عشية يوم 7 تشرين أول العام الماضي، ونعلم بأن وزير خارجيتها وكل طواقمها السياسية والعسكرية، وجهت تهديدات كبيرة لكل بلد يمكن أن تنخرط في المواجهة لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، وكلهم فعلوا «سوى الأردن»، كان وما زال يتخذ موقفا مختلفا، ولا نقول بأنه يحارب أمريكا، لكنه لا يقبل بالحرب ولا يدّخر جهدا من أجل إيقافها، ولأنه لا يملك أوراقا مهمة في هذه اللعبة الأممية، فهو يقوم بأدوار لا يقوم بها غيره، كمحاولة لتخفيف آثار وتحديات الجريمة البشعة الواقعة على الشعب الفلسطيني الأعزل.

كان وما زال موقفنا مع الفلسطينيين ومع العرب ومع العدالة والحق، وعيوننا مفتوحة على أي تحد جديد أو تغيير، تقتضيه حالة توسيع المواجهات خارج حدود فلسطين المحتلة، فنحن موجودون ضمنا في ساحة مشتعلة بل قل مستعرة، ونواجه منظومة كبيرة من التحديات و»الحسابات المعقّدة»، ولدينا مصالحنا ومبادئنا ومواقفنا التي لا يمكننا أن نتاجر بها، ومهما اتسعت ساحة المواجهة، فنحن قادرون على حماية مصالحنا وعلى استمرار الالتزام بمواقفنا، وعلى صعيد شعبي سواء في الأردن أو حول العالم كله، فثمة أمنية لمزيد من خسائر اسرائيلية، ومزيد من فضح لهذا الكيان الذي يقوم بجرائمه «بالوكالة» عن جهات فقدت كل المرجعيات القانونية والأخلاقية، في حفلة دموية عنصرية استعمارية مجنونة.