مختصون ل" دقيقة أخبار" المحكمة العليا ستعارض ملف تجنيد "الحريديم"

تحليل اخباري
مختصون ل" دقيقة أخبار" المحكمة العليا ستعارض ملف تجنيد "الحريديم"
ابو نوار : اسقاط "نتنياهو" استقرار غير مستقر في المستقبل
تجنيد "الحريديم" لن يغير من مجريات الحرب شي 
النابلسي :تجنيد "الحريديم " محاولة من "نتنياهو لاسترضاء المتدينين اليهود 
اسقاط الحكومة الإسرائيلية هو عدم تمرير قانون التجنيد وليس العكس 
من سيصوت على القانون سيمنح الثقة لحكومة نتنياهو

دقيقة أخبار _فايز رائد
أسقط السابع من اكتوبر ,و 260 يوما من الحرب المستعرة ,من العقلية الاستراتيجية "الاسرائيلية"فكرة الجيش الصغير المدجج بأحدث أنواع التكنولوجيا العسكرية وتقنيات الرقابة , التي اعتمدت عليها " اسرائيل " لسنوات .
فمن جهة فشلت هذه البنية في التعامل مع عملية "حماس" العسكرية الأكبر، ومن جهة أخرى لم تستطع تلبية الحاجات العسكرية المتزايدة في حرب طويلة.
 وصار النقاش عن توسيع حجم التجنيد ضرورة , ما أعاد النقاشات القديمة حول تجنيد اليهود المتدينين وإنهاء الترتيبات التي أعفتهم طوال عقود من الخدمة العسكرية.
 كما أسهم الاستدعاء الواسع لجنود الاحتياط في الحرب في إعادة إحياء هذا الملف، وبصورة أوضح هذه المرة، خصوصًا مع التقارير الإسرائيلية الكثيرة التي تقر بحاجة الجيش إلى قوات إضافية في وحداته، مع فقدانه عددًا كبيرًا من جنود يصل إلى حجم لواء كامل , وإعلانه افتقاره إلى 15 كتيبة جديدة للقيام بالمهام المطلوبة منه، حدّ أن وحداتٍ قتالية من قوات الاحتياط بدأت البحث عبر مجموعات «واتساب أب» عن متطوّعين للقتال في قطاع غزة . 
كلّ هذا دفع عائلات مئات الجنود "الإسرائيليين" المشاركين في الحرب لمطالبة أبنائهم بإلقاء السلاح والعودة إلى منازلهم احتجاجًا على قانون إعفاء الحريديم من التجنيد . 
فهل يسقط ملف تجنيد " الحريديم" حكومة الاحتلال ؟ 
كرد فعل على هذا السؤال وفي سياق النقاشات التي تدور حول تجنيد " الحريديم" , رجح الخبير العسكري والاستراتيجي واللواء المتقاعد مأمون ابو نوار , أن اسقاط حكومة " بنيامين نتنياهو" ستكون عملية وقف اطلاق  النار أكثر ترجيحا في الوقت الحالي ولن يؤثر ملف تجنيد " الحريديم" على مجريات الحرب على قطاع غزة . 


وقال أبو نوار , ردا على استفسارات "دقيقة أخبار " أن نتنياهو يواجه معضلة حقيقية، فإذا قبل بصفقة التبادل مع المقاومة الفلسطينية فسيعني ذلك إسقاط حكومته، حيث سينسحب منها شركاؤه المتطرفون، خاصة وزيرالمالية المالية يتسلئيل سموترش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير وإذا عارضها فسينسحب الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس . 
وأشار أبو نوار إلى أنه في الحروب السابقة كانت هنالك عدة جهات تقوم بجهود الوساطة، منها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبهذه الحرب كان الدور محصورا في مصر وقطر بدعم أمريكي وهم الضامنون لهذه التفاهمات، وكانت النتائج تؤدي إلى تهدئة مقابل تهدئة، ويبدأ بعدها العد التنازلي لمواجهات جديدة نظرا لكون طبيعة عمليات اطلاق النار في غزة غير مستقرة . 
وختم أبو نوار حديثه بالقول إن العالم كلّه أبلغ نتنياهو أن النصر الكامل غير ممكن، كما أن القضاء على حركة حماس غير ممكن، وأن التوّغل في رفح لن ينهي الحرب، ومعظم القاده العسكرين في العالم لديهم قناعة بأن عملية عسكرية لتحرير الأسرى ستؤدي إلى قتلهم .
 
ملف التجنيد جاء للغايات سياسية بحتة

 
وفي سياق أخر أكدت المحامية والباحثة في علوم بيت المقدس والشأن الاسرائيلي مرام النابلسي , أن اعادة  بنيامين نتنياهو طرح قانون تجنيد "الحريديم" للتصويت من جديد بعد أن كان قد طرحه "بيني غانتس" في الحكومة السابقة وحصل آنذاك على أغلبية الأصوات في القراءة الأولية جاء لغايات سياسية بحتة، والسبب الرئيسي في ذلك أن حاجة جيش الاحتلال لتجنيد المزيد من الجنود أصبحت حاجة ماسة وعاجلة، الأمر الذي كان يلوح بوضوح بضرورة إلزام أتباع طائفة "الحريديم" على التجنيد، لأن عدم تجنيدهم يعني استنزافا كبيراً في قوات الاحتياط التي لم تعد قادرة على تلبية الحاجة المستمرة للجنود المقاتلين في قطاع غزة . 
وأكدت النابلسي , أن هذا الأمر دفع بالمتدينين اليهود لا سيما من طائفة "الحريديم" بتهديد رئيس الحكومة بانسحاب الأحزاب المشكلة للإئتلاف الحاكم من الحكومة إذا ما تم تجنيد أبناءها وبالتالي إسقاط الحكومة نظرا لخسارتها مقاعد المؤتلفين في الكنيست،مشيرة الى أن توجه نتنياهو لهذه الخطوة هو بالأساس محاولة منه لاسترضاء المتدينين اليهود وبالتالي الحيلولة دون انسحاب أحزابهم من الحكومة وضمان عدم حجب الثقة عنها في الكنيست، فالذي كان سوف يسقط الحكومة الإسرائيلية هو عدم تمرير هذا القانون، وليس العكس . 
 وفي حال تم إقرار القانون بالقراءة الثانية والثالثة وبات محل تنفيذ وهو الأمر المتوقع في ظل تغلب ما يسمى بالمعسكر الوطني الذي تتشكل منه كتلة الأحزاب اليمينية على مقاعد الكنيست بواقع 64 مقعد من أصل 120 مقابل 51 مقعد لإئتلاف المعارضة بقيادة يائير لابيد، فإن من صوت على إقرار القانون سيصوت بالتأكيد لصالح منح الثقة لحكومة نتنياهو , بحسب المحامية مرام النابلسي . 
وختمت النابلسي , أن المحكمة العليا بالتأكيد سيكون لها دور في معارضة إقرار هذا القانون لاسيما وأنها قد ألغت في آذار الماضي قراراً يقضي بإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية لأنه يمس بمبدأ المساواة بحسب المحكمة العليا، كما سبق وأن ألغت عام 2015 قانوناً يقضي أيضاً بإعفاءهم، بالإضافة لانقسام هيئة أركان الجيش فيما يتعلق بمسألة تجنيد "الحريديم"، وكذلك تصاعد الأصوات المعارضة سواء من قبل الجنود في قوات الاحتياط وأهاليهم وأرباب العمل الذين تضرروا من استمرارية تجنيد قوات الاحتياط وبقائهم في الخدمة لفترات طويلة وتعرضهم للقتل والإصابات المختلفة وتأثرهم بدنياً نظراً لعدم أهليتهم للقتال، كل هذه الأمور وغيرها من الأوضاع المتأزمة أصلا في الكيان ستزيد من ضغط الشارع في الكيان على الحكومة بالتزامن مع دعوات كثيرة لإجراء انتخابات مبكرة ودعم أمريكي مبطن لمعسكر المعارضة قد تؤدي كلها وأن بشكل غير مباشر لإجراء انتخابات مبكرة وبالتالي إسقاط الحكومة لكن الأمر بالتأكيد لن يكون سهلاً وقد يتطلب وقتاً طويلاً.
من هم الحريديم ومن أين جاءت التسمية؟ 
في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، نشأ التيار الحريدي في أوروبا، في محاولة لمجابهة التحولات الكبيرة التي جرت في أوساط اليهود الأشكناز (اليهود الأوروبيين)، خصوصًا مع بدء محاولة اندماج تيارات يهودية في المجتمعات الأوروبية خلال النهضة الثقافية في أوروبا الغربية. دفع هذا بعض الحاخامات اليهود الذين يعكفون على دراسة التوراة، إلى تأسيس التيار اليهودي الحريدي، في محاولة للدفاع عن تعاليم الشريعة اليهودية التي رأوا أن الاندماج مع المجتمع الأوروبي يهدد وجودها. وتشكل هذه الجماعة اليوم في «إسرائيل» واحدة من التيارات الأرثوذكسية المتشددة، وتصل أعدادهم إلى أكثر من 1.3 مليون نسمة، أي حوالي 18.3% من عدد اليهود في «إسرائيل»، وتمتاز حياتهم الخاصة بالانعزال عن المجتمع الإسرائيلي.

جاءت تسمية تيار الحريديم بهذا الاسم انعكاسًا لنمط حياة أفراده المتدين وقناعاتهم، إذ أن كلمة «حريديم» هي صيغة الجمع من كلمة «حريدي» في اللغة العبرية، وتعني المتدين أو التقي أو القريب من الله، ودأبت بعض الدراسات والمؤرخين إلى اعتماد مفهوم «الذين يهابون الله» لترجمة مفهوم الحريديم. 

كيف تغيّرَ موقف الحريديم من الصهيونية وما هي العلاقة التي جمعتهم بـ«بن غوريون»؟ 
لطالما كانت العلاقة بين الدين وفكرة الدولة القومية الحديثة محددًا رئيسًا للتراث الصهيوني والتحولات التي طرأت عليه. وقد انعكست هذه التشابكات الآن في العلاقة المُضّطربة وغير الواضحة بين الدين والدولة بعد تأسيس «إسرائيل». إذ إن فكرة تأسيس دولة يهودية وعلمانية في الوقت نفسه هي إحدى أبرز علامات التناقض الرئيسية في الديمقراطية الإسرائيلية المدعاة.  

أحد مواضع الخلاف القديم، والتوافق الحالي، بين الدين والأيديولوجيا الاستيطانية في الحركة الصهيونية هو مفهوم الخلاص. كانت الفكرة الدينية السائدة في معظم أوساط الحريديم تقليديًا أن خلاص اليهود هو خلاص إلهي، وأنه لا بد من قبول المنفى لتعجيل تحقق هذا الخلاص. ورأى هذا المنظور الديني بداية في الصهيونية حركة سياسية تريد أن تتدخل في الإرادة الإلهية، وأعلن القائمون عليها رفضهم الواضح لاستيطان فلسطين. فيما رأى الآباء المؤسسون للحركة الصهيونية، على غرار تيودور هرتزل، أنه لا بد من تحقيق هذا الخلاص عبر جهود بشرية، عسكرية وقومية، منظمة، من خلال إنشاء وطن قومي لليهود. لقد تأثرت هذه الأفكار الصهيونية بنشوء الحركات القومية في الغرب، وعلى هذا النحو، جعل الآباء المؤسسون للصهيونية في القرن التاسع عشر، استنادًا إلى تفسيرات دينية جديدة، من الخلاص مرادفًا للاستقلال بالمفهوم القومي وبالتالي لاستيطان فلسطين.  

اخترقت أفكار الخلاص العلمانية الفئات الدينية المتشددة بشكل تدريجي في «إسرائيل» حتى أصبحت أخيرًا جزءًا من التسويات بين الوكالة اليهودية وبين الزعماء الدينيين. في عام 1947، أرسل دافيد بن غوريون، رئيس الوكالة اليهودية وقتها، رسالة إلى رئيس حزب أغودات يسرائيل المتدين، يتسحاق لائير لفين، تسمى الآن رسالة «الأمر الواقع»، تنظم هذه التسويات، لضمان موافقة الحريديم على تأسيس دولة الاحتلال. شملت الرسالة أُسس النظام الاجتماعي ما بعد تأسيس الدولة، والتي وصفت باعتبارها تنظيمًا للعلاقة بين المتدينين والعلمانيين. وقدم بن غوريون تنازلات ووعودًا للحريديم بشأن قدسية يوم السبت والتعليم المستقل للحريديم، وكذلك قوانين الأحوال المدينة. وغالبًا ما يُنظر لأي محاولة لتغيير أوضاع الحريديم باعتبارها نقضًا لهذا الاتفاق. كما تتالت التنازلات من قبل بن غوريون الذي أصبح رئيس الوزراء للدولة الاستعمارية الجديدة من خلال إعفاء طلاب حريديم من الخدمة العسكرية. تزايد صعود الحريديم منذ ذلك الحين في «إسرائيل» نتيجة تزايد أعدادهم، وأصبح حضورهم في الشأن العام أكبر مع احتلال كامل القدس في عام 1967 وإعطاء هذا الاحتلال صيغة دينية، بالنظر إلى الأهمية التوراتية التي توليها هذه الجماعات للمناطق المحتلة.