استنفرت دولة الإمارات العربية المتحدة جميع كوادر وطاقات قطاعها الصحي منذ بدء الأزمة في قطاع غزة؛ لتعزيز الاستجابة الإنسانية والإغاثية تجاه المصابين والمرضى من الأشقاء الفلسطينيين، ومساندتهم في الظروف الحرجة التي يمرون بها، في إطار عملية "الفارس الشهم 3" الإنسانية التي أمر بها سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم الشعب الفلسطيني في القطاع.
وبرهن القطاع الصحي الإماراتي جاهزيته العليا في التعامل مع التحديات الطبية الناجمة عن الوضع المتفاقم في قطاع غزة، عبر 3 محاور أساسية، تمثلت في التواجد على أرض الواقع وإقامة المستشفيات الميدانية، ونقل الحالات الصعبة والحرجة إلى مستشفيات الدولة لتقديم العلاج والرعاية الطبية لها، وتكثيف إرسال المساعدات والإمدادات الطبية بمختلف أنواعها لتعزيز قدرات القطاع الصحي داخل غزة.
وحظيت جهود الإمارات في علاج المصابين والمرضى الفلسطينيين بإشادة وتقدير عاليين من أهالي قطاع غزة، الذين أكدوا أنها بمثابة تعبير صادق ونموذج متفرد لكيفية التضامن والتعاضد بين الأشقاء في أوقات الأزمات.
وفي كانون الأول الماضي، باشر المستشفى الميداني الإماراتي المتكامل في غزة، تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع، عبر كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، بالإضافة إلى متطوعين طبيين.
وتبلغ سعة المستشفى 200 سرير، ويضم غرفا للعمليات الجراحية مؤهلة لإجراء أنواع الجراحات المختلفة بما في ذلك، العامة وجراحة الأطفال وجراحة الأوعية الدموية، وغرفا للعناية الحثيثة للبالغين والأطفال، وقسما للتخدير، وعيادات تخصصية تشمل الباطنية، والأسنان والعظام والطب النفسي، وطب الأسرة، وطب الأطفال، وطب النساء، فضلا عن الخدمات الطبية المساندة.
ويقدم المستشفى إضافة إلى ذلك، خدمات الأشعة المقطعية، والسينية، والصيدلة وهو مزود بمختبر يضم أحدث الأجهزة اللازمة لإجراء أنواع التحاليل والفحوص على تنوعها، وبما يعزز قدرته على تقديم العلاج المتكامل لمراجعيه والمستفيدين منه وفق أفضل المعايير والبروتوكولات العالمية.
وأجرى المستشفى حتى 28 نيسان الماضي حوالي 1517 عملية جراحية كبرى ودقيقة، وتعامل مع حوالي 18 ألف حالة استدعت تدخلا طبيا من قبل فريق المستشفى للتعامل معها وتوفير العلاج والرعاية اللازمة بدءا من الإسعافات الأولية مرورا بإجراء الجراحات الضرورية لإنقاذ الحياة وتوفير العلاجات اللازمة والأدوية، وانتهاء بالرعاية والعناية الحثيثة لتلك الحالات فضلا عن الاستشارات والخدمات الطبية.
وبدأ المستشفى الميداني الإماراتي في غزة تركيب الأطراف الصناعية للجرحى والمصابين الذين فقدوا أطرافهم خلال الأحداث الكارثية في قطاع غزة، وأعلن أنه سيسلم 61 طرفا صناعيا للمصابين على عدة مراحل، بحيث يتم في كل مرحلة تركيب الأطراف الصناعية لـ10 مصابين مع تأهيلهم حركيا ونفسيا.
وسجل المستشفى الميداني الإماراتي في غزة إنجازات كبيرة على صعيد إجراء العمليات الجراحية المعقدة، وعلى سبيل المثال، نجح فريق الأطباء فيه في استئصال ورم يزن 5 كيلوغرامات من بطن مريض يعاني منذ سنوات من آلام حادة ومضاعفات صحية خطيرة.
ولتعزيز جهودها في إغاثة أهل القطاع وتدعيم الرعاية الصحية المقدمة لهم، أرسلت الإمارات في شباط الماضي مستشفى عائما متكاملا إلى قبالة سواحل مدينة العريش المصرية لتقديم الدعم الطبي اللازم للأشقاء الفلسطينيين.
ويضم المستشفى العائم الذي أقيم بالتعاون مع دائرة الصحة-أبوظبي ومجموعة موانئ أبوظبي، طاقما طبيا وإداريا مكونا من 100 من مختلف التخصصات تشمل التخدير والجراحة العامة والعظام والطوارئ، إلى جانب ممرضين ومتخصصين في المهن الطبية المساعدة.
وتبلغ سعة المستشفى 100 سرير، وهو مجهز بغرف عمليات وغرف للعناية المركزة، وأقسام للأشعة والمختبر، وصيدلية ومستودعات طبية، إضافة إلى طائرة إخلاء وزورق إخلاء طبي، وسيارات إسعاف مجهزة بأحداث الأجهزة الطبية، تعزز الاستجابة للحالات الطارئة والصعبة التي تستدعي تدخلا طبيا سريعا.
ويعد المستشفى العائم خطوة إضافية تستكمل دور المستشفى الميداني الإماراتي في غزة، وتعزز منظومة الدعم الطبي التي توفرها الإمارات لأهالي القطاع المنكوب بغرض التخفيف من حدة الأوضاع التي يعانونها، إذ تم تجهيزه بأفضل وأحدث المعدات.
ووجه سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، باستضافة ألف من أبناء قطاع غزة المصابين بأمراض السرطان من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاج والرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الإمارات، وباستضافة ألف طفل فلسطيني أيضا برفقة عائلاتهم من القطاع لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم إلى ديارهم.
واستقبلت الإمارات، حتى 27 نيسان الماضي 16 دفعة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان، الذين تقدم لهم أعلى مستويات العلاج والرعاية الصحية في عدد من مستشفيات الدولة.
وتستضيف "مدينة الإمارات الإنسانية" أهالي قطاع غزة الموجودين في الإمارات حاليا لتلقي العلاج أو مرافقة ذويهم المرضى، وتوفر لهم خدمات متكاملة ورعاية استثنائية، كما تنظم العديد من الأنشطة والمبادرات الهادفة إلى الترفيه عن ضيوفها من الأشقاء الفلسطينيين ودعمهم معنويا ونفسيا للتخفيف من معاناتهم وتهيئة الظروف كافة التي تعجل شفاءهم.
وتمثل الإمدادات الطبية والصحية جزءا رئيسا من إجمالي المساعدات الإنسانية العاجلة التي قدمتها الإمارات إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة منذ بدء الأزمة، والتي بلغ مجموعها لغاية 29 نيسان الماضي ما يزيد على 31 ألف طن عبر 250 رحلة جوية و40 عملية إسقاط جوي و1160 شاحنة و3 سفن.
وبتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، تعهدت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في كانون الثاني الماضي، بتقديم نحو 37 مليون درهم (10 ملايين دولار)، لدعم القطاع الصحي في غزة، لمساعدته على توفير المستلزمات الطبية الأساسية للسكان، وخصوصا لفئة الأطفال في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها القطاع.