عدنان نصار : تجربة شخصية.. حراك الجامعات.. طلبة في قلب العاصفة.. ووقف العدوان رسالتهم

كل يوم تثبت أمريكا انها دولة ظاهرها ديمقراطي ، وباطنها ديكتاتوري.. وفي كل حدث وحادثة تتعلق بالاحتلال الاسرائيلي ، تثبت الدولة الأمريكية انها منحازة للظالم وتتصره على المظلوم  وتدافع عن القاتل وتعزي بالمقتول ..كل يوم تثبت أمريكا انها الأب الروحي للاحتلال الاسرائيلي.. فهي لا يعيبها ان تكون ابا للظالمين.!!

 

لو ما حدث لطلبة الجامعات في الولايات الأمريكية على يد الشرطة هناك ، في دولة أخرى مثل روسيا او الصين لقامت أمريكا الدنيا ولم تقعدها ، تحت عنوان “الإضطهاد ومنع حرية التعبير ، وغياب الديمقراطية..

والديكتاتورية الحاكمة..” ..لو حدث ذلك في غير أمريكا ، لتم إستحضار كل القوانين والحكم والمثاليات التي علاها الغبار من إدراج البيت الأبيض ، لتدافع عن القيم وحرية التعبير ، وربما تأمر أمريكا اساطيلها بالتوجه إلى ألاماكن التي يتعرض لها طلبة الجامعات إلى الاضطهاد والمحاصرة ..!!

حراك طلبة الجامعات في أمريكا تحديدا ، الذي قلب موازين الفهم للقيم والحرية والديمقراطية الأمريكية ، يعطينا فكرة أعمق ، وتصور أوسع عن زيف الديمقراطية الأمريكية وقيم حريتها ..وإلا ماذا يعني إقتحام الجامعات من قبل شرطة الولايات ، وماذا يعني إعتقال أكثر من (2300) طالب وطالبة واعضاء هيئة تدريس جامعيين ، لأنهم طالبوا بوقف العدوان الهمجي الاسرائيلي على قطاع غزة ..وطالبوا بقطع علاقات جامعاتهم مع “اسرائيل” ووقف الابحاث العلمية بينهما ..ماذا يعني فض اعتصام الطلبة بالقوة البوليسية في دولة كنا نظن انها تمجد الديمقراطية والقيم النبيلة في حرية التعبير ..، لنكتشف انها ديمقراطية على “قد المقاس” لما تريده أمريكا فقط ..!

تتبجح دول غربية ، وفي مقدمتها أميركا ، بتقديم النموذج الديمقراطي الراقي ، وهي بلا أدنى شك أتسمت حتى وقت قريب بصدقية إلى حد ما عند شعوب كثيرة ، وقعت في دائرة الإعجاب بديمقراطية حملت قيم ومعان تختلف عن ديمقراطية الرأي الواحد السائدة في مجتمعات متعددة ، وفي مقدمتها دول عربية ..!

حراك طلبة الجامعات في الولايات الأمريكية ، وغيرها من دول الغرب ، هو حراك تموضع في قلب العاصفة ..عاصفة الظلم ، والإضطهاد ، وضمت أصوات الطلبة إلى أصوات الحاضرة ضمائرهم عند شعوب الأرض ، التي لمست حجم الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني عموما ، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص ..فكان الحراك الطلابي الذي أسقط ما تبقى من ورق السولفان الفاخر الذي يستر زيف الديمقراطية الأمريكية .

العالم بمجمله، لا يحتاج إلى ديمقراطية تعزز قيم الوساخة والرذيلة..”المثليين” وعصيان الأوامر الأبوية عند آسر المحافظين ، عبر  إملاءات أمريكية تدخلت حتى في مناهج الدراسة للثقافة العربية ،  ناهيك عن “سيداو” وما تلاها من زيف ظاهره ديمقراطي وباطنه خراب المجتمعات.. ولا تحتاج الشعوب إلى  ديمقراطية “الخلاعة” ، والوضاعة ، ايضا عبر مسار تصدير البضاعة الفاسدة الى مجتمعاتنا العربية وغير العربية المحافظة ، تحت مسميات الديمقراطية ..حتى في ذائقة الغناء والطرب تدخلت أميركا عبر : “رجب حوش صاحبك عني” في إشارة واضحة لحجم التراجع الذي ترعاه أميركا مقارنة بحضور ذائقة الارتقاء:”عندما يأتي المساء” مثلا .

في السياق اذكر ، ان السفير الأمريكي في عمان قبل نحو 12 ستة طلب الاجتماع مع صحفيين أردنيين ، في قاعة الرئاسة في جامعة اليرموك الاردنية في مدينة اربد شمال العاصمة عمان ..،تم اللقاء وكنت احد الصحفيين المعنيين بالحضور بناء على دعوة ، وأستمعنا إلى السفير بحضور رئيس الجامعة د.محمد ابو قديس ..تحدث السفير عن أمور كثيرة لها صلة بالديمقراطية وحرية التعبير والمساعدات لدول عربية تعينها على تبني المسار الديمقراطي..اصغينا 10 صحفين لما قاله السفير لمدة تجاوزت 60 دقيقة ..، ثم حان وقت الحوار والاسئلة الصحفية ..،كنت وقتها رئيسا للجنة نقابة الصحفيين في إقليم الشمال ومقررا للجنة العلاقات الخارجية في نقابة الصحفيين ..قلت للسفير وانا أضع اليد ع.الخد :”مرحبا بك في مدينة المجد (اربد) ..ومن منطلق ديمقراطية الحوار ، فأنه لا يشرفني كعربي/اردني/ ان انتم إلى الديمقراطية الأمريكية التي تجيء على ظهر دبابة كما حصل في العراق ، ولا يشرفني ان انتمي إلى ديمقراطية حفنة المساعدات الأمريكية لدول وشعوب عربية لا تحتاج إلى القرطاسية ، ولا إلى بناء مساجد او كنائس فعندنا فائض من دور العبادة ، وشخصيا ومعي الكثير أفضل حكم “بسطار الجندي العربي” على الديمقراطية الأمريكية ..واضفت :ما نحتاجه يا سعادة السفير موقف سياسي امريكي واضح إزاء القضية الفلسطينية ، وتفسير لما يحدث في العراق، ..نحتاج إلى موقف سياسي يعين الحق على الباطل ، ويكسر شوكة الظالم لوقف نزف المظلومين ..!!”

ما قلته اربك السفير ومرافقيه ، وأوقع رئيس الجامعة في حرج وقلق ، في النتيجة ابتسم السفير الأمريكي ابتسامة صفراء وانتهى الحوار .!! الذي نشره موقع “ويكيليكس” بتفاصيله ..ما أود قوله مرة أخرى ، ان ديمقراطية أمريكا إما ان توافقها الرأي فتكون صديق ، أو تخالفها لتصبح عدو ..وعلى رأي “جورج دبليو بوش”في عبارته الشهيرة عند غزو العراق  :”من لم يكن معي فهو ضدي”..وهذا حال غزة الان ، وهذه حالة الديمقراطية الأمريكية…!!

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)