مفاوضات القاهرة.. أميركا تقود الحوار.. حماس مرنة.. و”الاحتلال” خارج النص رغم حضور وفده

يبدو أن أميركا أخرجت الاحتلال الاسرائيلي من حوار المفاوضات، بعد تعنت وصلف رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو على مدى أكثر من 5 شهور من طرح فكرة التفاوض على أسرى الاحتلال عند حماس . مفاوضات القاهرة الأحد الفائت التي جمعت مدير المخابرات المركزية الأميركية، ووسطاء من مصر وقطر ووفد حماس، ووفد الاحتلال بشكل غير مباشر، اثبتت على مدى جولات سابقة، ان لدى حماس أوراق قوية لبناء موقف تفاوضها وهذا معروف لدى الجميع، في وقت اعتبر فيه وجود أسرى للاحتلال الورقة الكبرى في الضغط على الاحتلال، بعد التحولات التي رافقت وجود حماس العسكري وأذرعها في ميدان المعركة،  التي أرغمت جيش الاحتلال على الانسحاب من جنوب قطاع غزة، تحت وطأة نيران المقاومة الفلسطينية الاسطورية . أمريكا الان ، هي من تقود المفاوضات بالإنابة عن الاحتلال ، بعد إفلاس أمريكا من محاولات إقناع نتنياهو بضرورة المرونة في المفاوضات ..فصلف الاحتلال وصل إلى مديات بعيدة في التعنت والإمعان بالجريمة ضد الابرياء والعزل في قطاع غزة، وكما هو الحال في هذا الصلف المقيت ، وبعد مرور أكثر من 7 شهور على العدوان البشع والاجرامي ، كان لا بد من “يقظة” غربية لوقف حرب الابادة من جهة ، والحفاظ على مصالح أميركا وبريطانيا من جهة أخرى المتورطتين حد الركب بالدم الفلسطيني..نقول “يقظة” ولو من باب التمثيل الهوليودي في محاولة لاستعادة حضورهما “أميركا وبريطانيا ” على الساحة السياسية المؤثرة ، لتبديد موقف عجزهما عن وقف الحرب ، والتصدي لتغول الاحتلال الذي أبدى تحدياته للعالم بأكمله ،بما في ذلك مجلس الأمن على “إنحيازه” و”لاهاي” على ضعف تنفيذ قراراتها ..! الموقف الأمريكي، في خطف ميكرفون المفاوضات في القاهرة، و”تنحية الإحتلال” والاكتفاء بحضور وفده فاقد الصلاحيات في المفاوضات بشكل صوري ، ولغايات إعلامية فقط ..ولعل التصريحات الأمريكية حول وجود تقدم بالمفاوضات، ربما تشكل دليلا لتنحية وفد الاحتلال المفاوض ..غير أن المشهد التفاوضي برمته حماس هي من تمتلك أدوات قوته ، رغم فارق القوة العسكرية سواء عند امريكا او الاحتلال ..فالمقاومة تملك الحصة الاقوى في التفاوض سياسيا في ملف أسرى الاحتلال ، ولهذا تستند تصريحات المكتب السياسي لحماس إلى شرعية القوة سياسيا إلى جانب حضور المقاومة في أرض المعركة في غزة الذي يكبد جيش الإحتلال خسائر لم يعتاد عليها “جيشهم الفاشي”. بعيدا عن عاطفتنا القوية إلى جانب غزة ، ومقاومتها ، وإنحيازنا إلى جانبها ضد ظلم وقتلة طغاة العصر ..نرى ان حماس التي تتجه إلى اعلان نصر في وقت قريب ، على الاحتلال ، لن تقع في فخاخ النرجسية ، بل ستعزز نصرها في مواصلة المشوار النضالي وتحديد المسار ضمن رؤية جديدة تستند إلى تجارب نضالية متراكمة ، إلى أن تصل إلى اعلان الدولة الفلسطينية ، وهذا بالطبع يشكل “إهانة” للاحتلال الذي افترض أن إجتياح غزة البري سيكون “نزهة” على الجانب الآخر من المتوسط ..الا غزة فاجات العالم قبل أن تصيب الاحتلال بحالة ذهول وارباك . كل ذلك، حدد قوة مسار التفاوض وتفاصيله، رغم التسريبات “المتعمدة” عن النتائج وتجاوز النقاط “العالقة” وفق وصف وزير خارجية الاحتلال ، ووصول المفاوضات إلى نقطة حاسمة ، فسيعود عدد كبير من أسرى الاحتلال .! الحديث عن تفاصيل الصفقة والتفاوض ، رغم شح تسريباته ومعلوماته  ، غير ان حماس تدفع بإتجاه المرونة المبنية على قوة ، وهي لن تفرط باي من الشروط الجوهرية المعلن عنها ، وأن كانت هناك مرونة فهي مناورة التنازل عن تفاصيل صغيرة (ربما) ووضعتها حماس بالإعتبار مسبقا. عراقيل الإحتلال في مسار التفاوض ، تراجعت ، بعد أن تصاعدت في السابق ، وهذا التراجع مبني على حسابات امريكية ضاغطة على الاحتلال من أجل إتمام الصفقة والتوصل إلى إتفاق ، لثقة أمريكا أن اي عملية في رفح لن تأت بنتائج مطلقا ، وتوسيع اراقة الدم الفلسطيني أكثر من الذي جرى ، سيضع أمريكا في خانة هي أسوأ من الخانة التي وضع فيها العالم الاحتلال الاسرائيلي بسقوطه الاخلاقي السياسي والعسكري . الاحتلال في تقديري ووفق تسريبات ضئيلة أيضا ، بات مهيئا للقبول بالشروط الحمساوية الفلسطينية ، ولعل الانسحاب من جنوب القطاع هو إستهلال لانسحابات آخرى بعد أن اصبحت قوات الاحتلال في مدن القطاع وطرقاته من الاهداف القاتلة على يد المقاومة  الفلسطينية الذين يخرجون لهم من حيث لا يحتسبوا .!!