تطوير المكتبة المدرسية وأمينها

من التحديات العبثية إقناع أنفسنا بضرورة إبعاد أطفالنا عن فضاء ( السوشال ميديا) المفتوح ، في ظل كل هذا التزاحم في المعلومات وحاجتنا الى وجود الهواتف مع أطفالنا لغايات التعليم والتسلية فالفوائد التي ينعم بها أطفالنا تفوق كل تلك المحاذير التي يروج لها .
الأطفال والابناء هم نتاج كل هذا التعب الذي مر بنا خلال سنوات حياتنا، ومن الطبيعي ان نعيش هاجس الخوف عليهم وعلى مستقبلهم من كل الجوانب حتى الخوف عليهم من انفسهم . والإنسان بطبيعته عدو ما يجهل، وجهلنا بكثير من أبعاد هذا الفضاء الافتراضي المفتوح بلا سقوف ولا أبواب ولا نوافذ يجعلنا نراه خصما وعدوا، فنخوض معركتنا «التربوية» معه بدلا من تنظيم أنفسنا على التعامل مع هذا الفضاء بشكل مثالي.
فكل هذه المعلومات المتدفقة من الفضاء المفتوح عبر الهواتف والتي تترجم على شكل إعلانات ومنشورات وفيديوهات يتابعها أطفالنا دون تمحيص ورقابة كاملة وعدم غربلة للغث والسمين منها، يعزز الخوف بداخلي على مستقبلهم ، ويعزز فكرة أيضا أن الأطفال هم نتاج تربية منزلية ومدرسية، قد تكون الأولى منها اضعفت وضعفت لقلة الدور الممارس من الآباء والامهات في المنزل وذلك للحاقهم بلقمة العيش وانشغالهم بأعمال تأمين متطلبات الحياة.
وهنا يبرز دور المدرسة التي كانت فيما سبق من عوامل تعزيز العملية التربوية لتبرز وتحل في المقام الأول لتلك العملية وتتصدر المشهد كحاضن أساسي للتقويم والتعليم ثم التربية.
الفضاء المفتوح والعالم الافتراضي الذي يعيشه أبنائنا كل يوم وبالساعات ، يحتاج منا ككل مراقبته وتفحصه وغربلته ، ويحتاج منا أيضا تربية تليق وترقى للمواجهة المفتوحة مع كل الأبواب المفتوحة على مصراعيها في فضاء رحب على أبنائنا ، ومن هنا فإن المدرسة هي اللاعب الرئيس والمربي الأول .
وهذا يجعلني أتساءل وأطرح السؤال أمام منظومتنا التعليمية بكل مؤسساتها وكوادرها وبيوت الخبرة فيها، عن ( أمين المكتبة في المدارس ) وتلك المكتبة المهجورة، المتخمة بالرفوف والكتب المكدسة منذ دهر وامينها المنشغل بأعمال إدارية لا تقع ضمن اختصاصه وربما أصبحت وظيفته تنظيميه لرحلات ومهرجانات للطلبة واعمال مكتبية للإدارة او ليحل محل المعلمين واعطاء نصاب من الحصص الصفية الإضافية.
ماذا لو طلبنا من كل امين مكتبة ان يقوم بمراجعة المحتوى الذي يشاهده أبناؤنا، بعد دورات تأهيل وتدريب مكثفة ومنهجية لأمناء المكاتب لتطوير قدراتهم في المعرفة التكنولوجية وإعطاء الدروس وتثقيف هذا الجيل في كيفية التعامل مع فضاء الانترنت الواسع وكيفية تحري المعلومة وتدقيقها وكيفية النشر والتعليق ضمن قواعد وأصول سليمة… بل وتطوير القدرات في كل ما يمكن ان يتم في العالم الافتراضي حتى التحري عن الألعاب الآمنة لهم ، ماذا لو اصبح امين المكتبة اميناً للمكتبة فعلا فالمكتبة لم تعد رفوفا وكتبا ومجلات بل أصبحت مواقع انترنت افتراضية يزورها أبناؤنا كل يوم… لكن دون أمين يحرسها ويحرص على من يرتادها.