المالكي: إسرائيل خيّرت الفلسطينيين بين الترحيل أو الاعتقال أو الموت

اسمتعت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لدولة فلسطين في أول جلسة علنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

 

قال وزير الخارجية والمغتربين، الفلسطيني رياض المالكي، إنّه حان الوقت لوضع حد لازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، مطالبا محكمة العدل الدولية بدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وأضاف المالكي في كلمته، أمام محكمة العدل الدولية، أنه لأكثر من قرن وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يتم التنكر له، حيث إنّ حق تقرير المصير لا يسقط بالتقادم وهو غير قابل للمساومة، ويجب أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي دون شروط.

وأشار إلى أن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة لعقود من الحصانة لدولة الاحتلال، داعيا إلى وقف ممارسات الاحتلال، وانتصار القانون الدولي.

وشدد على ضرورة دعم طريق السلام الذي سيحقق العدالة للشعب الفلسطيني، الذي تركته إسرائيل أمام 3 خيارات فقط؛ إما التهجير أو الاعتقال أو الموت.

وقال: "أقف أمامكم نيابة عن دولة فلسطين وشعبها في هذه اللحظة التاريخية، باسم 2.3 مليون فلسطيني في غزة أغلبهم تحت القصف من الأطفال الذين يتضورون جوعا ويعانون التهجير، وباسم 3.5 مليون في الضفة بما فيها القدس، يعانون احتلال أراضيهم والعنصرية، وقرابة 1.7 مليون من فلسطينيي الـ48 الذين يعيشون في إسرائيل، ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، وتتواصل سرقة أراضيهم وأراضي أجدادهم".

وأضاف: منذ قرابة القرن، يُحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه بما فيها حق العودة وحقه في تقرير المصير، ففلسطين ليست أرضا بلا شعب، فقد كان له حياة اجتماعية وثقافية واقتصادية ودينية، وكان هناك مدارس وجامعات وقرى وعائلات وسينما، وتأثرت حياتهم جميعها بوعد اتُخذ بعيدا عنهم بمئات آلاف الأميال، وحُرم السكان الأصليون من غير اليهود من حقهم ووجودهم كأمة، وتعرضوا لمحاولات نزع الصفة الإنسانية عنهم وترحيلهم.

ولفت المالكي إلى أن الأمم المتحدة في ميثاقها أقرت بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وتم اختراق هذه الحقوق بسبب الاستعمار والأبرتهايد.

وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني عانى جيلا بعد جيل واقع إقصائه وترحيله من أرضه، وليس فقط في فترة النكبة عام 1948 إذ رحل 900 ألف فلسطيني، كذلك 400 ألف فلسطيني عام 1967، بل تواصل ذلك، إضافة إلى قتل الفلسطينيين، ونكران الكرامة والحق في العيش بأمان، والاستقرار، والاعتقال، والاختطاف، والسجن إلى الأبد، وسرقة الأراضي.

وأوضح المالكي أن الإبادة الجماعية في غزة، وتدمير إسرائيل لغزة وقتل الآلاف أغلبيتهم من الأطفال وتجويعهم وترويعهم، وترحيل الملايين، كانت بسبب غياب مساءلتها ومحاسبتها.

وبين أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، قدمت 3 خيارات إلى الفلسطينيين فقط: إما الترحيل أو الاعتقال أو الموت.

وأشار إلى أن محكمة العدل الدولية، أقرت إجراءات مؤقتة قبل أقل من شهر بعد الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكابها جريمة إبادة جماعية، فيما تواصل إسرائيل انتهاكاتها على الأراضي الفلسطينية من أجل أغراض استعمارية، وهو اختراق خبيث للقانون الدولي، مؤكدا أن الحل يكمن في الامتثال للقانون الدولي والوقف الفوري للاحتلال غير الشرعي.

وعرض المالكي، خلال كلمته خرائط توضح استيلاء الاحتلال على الأراضي الفلسطينية منذ النكبة، مرورا بنكسة عام 67 وحتى عام 2020.

وأوضح أن الخرائط التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، أظهرت عدم وجود دولة فلسطين، ما يبين النوايا الاحتلالية على حساب الشعب الفلسطيني، مشددا على أنه لا يوجد ما يبرر غياب العدالة وخرق المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ونكران الحق في تقرير المصير.

وأكّد التزام دولة فلسطين بالقانون الدولي، وقال: يجب أن ينتصر القانون على استخدام القوة، وإن فلسطين اختارت العدالة وليس الانتقام، ولكن العدالة تأخرت وتم إنكارها، وإنكار حق الفلسطينيين في العدالة منذ وقت طويل.

وشدد على التزام دولة فلسطين بحقوق شعبنا في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها، على أساس قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، وبحل دائم لدولتين ديمقراطيتين تعيشان جنبا إلى جنب بأمن واستقرار.

ودعا المالكي إلى ضرورة وضع حد لازدواجية المعايير التي عاناها شعبنا، وأن القانون الدولي يجب أن يطبق على جميع الدول، ويجب ألا تكون دولة فوق القانون، ولا شعب يجب أن يُحرم من حقه في الحماية.

وطالب محكمة العدل الدولية بعد الاستماع للأدلة القانونية، بألا تنسى الشعب الفلسطيني ونضاله وتضحياته من أجل العيش كأفراد ومجتمعات وأمة.

ومن المقرر أن تستمع المحكمة خلال الجلسات إلى إحاطات من 52 دولة – وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المحكمة – بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية. تأتي الجلسات في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على فتوى من المحكمة بشأن آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاماً، وستستمر لمدة 6 أيام بين 19و26 شباط /فبراير الحالي. وكانت الجمعية العامة قد تقدمت بطلب الفتوى من المحكمة في قرار اعتمدته أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2022، بشأن التبعات القانونية "الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن". وتختلف الإجراءات المطروحة أمام المحكمة، عن القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بشأن ما وصفته بعدم امتثال إسرائيل لاتفاقية منع الإبادة الجماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال حملتها العسكرية عقب عملية 7 أكتوبر 2023، والتي أدت إلى تهجير غالبية سكان غزة واستشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني خلال ما يزيد قليلاً على 4 أشهر.