الحرب على الأونروا

ليست هذه المرة الأولى من قبل دولة الاحتلال في مهاجمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بل وعبر سنين الاحتلال أصبحت الوكالة متهمة ومدانة واحتسابها على الفلسطينيين. ويدرك الجميع أن الوكالة ومنذ نشأتها بعد النكبة الفلسطينية حملت على عاتقها توجهاً إنسانياً بحتاً يتمثل في العمل على مساعدة اللاجئين بعد النكبة، ولم يؤخذ عن الوكالة أنها تدخلت في السياسة للدول الأطراف باعتباراتها ذات الطابع الإنساني. تأسست الأونروا بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 (رابعا) في 8 كانون الأول 1949 لتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل مباشرة للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من أيار 1950. لدى الأونروا تفويض إنساني وتنموي بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين ريثما يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. تستمد الأونروا تفويضها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجهاز الأم للوكالة. وليست مصادفة أن يقوم الكيان في كل فرصة تسنح بمهاجمة الوكالة لأنها تعتبر بمثابة الإعتراف الدولي في وجود قضية لاجئين فلسطينيين لهم حق في العودة والتعويض منذ سنة 1948، فالوكالة تشكل مدخلاً تضم الوكالة عشرات الآلاف من العاملين لديها في مجالات وقطاعات تخدم غايات الوكالة المعلنة الإغاثية سواء في مجال الصحة أو التعليم أو الشؤون الاجتماعية والخدمية المرافقة لها. وهؤلاء غالبيتهم من أبناء المخيمات من اللاجئين حيث لهم الأولوية في التشغيل واعتبار ذلك نوعاً من فرص العمل الشحيحة والمتناقصة سنةً بعد سنة، بل إن الرواتب والمكافآت قد تقلصت لحدود قياسية نتيجة شح الموارد المالية للأونروا وعدم التزام عديد من الدول بدفع ما يستحق عليها كمساعدات مالية. لم يعهد عن الوكالة أنها عبرت عن رأي سياسي في أية دولة أو كيان تتواجد فيه باعتبارها هيئة إغاثية إنسانية تقدم خدمات للاجئين دون أن يكون لها موقف سياسي محدد في دول اللجوء. والوكالة تلتزم بما يصدر عن هيئة الأمم المتحدة المنبثقة عنها في تعليماتها واشتراطاتها وإجراءاتها في دول اللجوء، وهي عند التعيين للعاملين تقوم بإجراءات قبلية تتمثل في شفافية الإعلان العام وفي وضع عديد من المعايير الضابطة للتعيين، ولكنها ليست مكلفة بتحديد إنتماءات الفرد العامل السياسية ، وما يعنيها هو أن يقوم العامل بتأدية مهامه ووظيفته ودوره بالشكل السليم والدقيق. إن التذرّع بوجود أفراد من العاملين لدى الأونروا في قطاع غزة ممن يؤيدون أو ينتمون إلى المقاومة وحركة حماس تحديداً، لا تعتبر إدانة لأن الأمم المتحدة لا تعتبر حركة حماس إرهابية وإنما تتعامل معها على أنها حركة سياسية. إن هذا الكيان الصهيوني الذي يحمل عديد أوجه، فهو يتعامل مع أعتى المتطرفين ويوظفهم ويحتلون مواقع المسؤولية كما هو الحال مع الإرهابي سيموريتش الذي لا يتحرج وهو يدعو لإبادة الفلسطينيين وإلى تسليح كافة أفراد الكيان الصهيوني، هذا يتبوأ منصب وزارتين مع ما يتبعهما من امتيازات وصلاحيات. هذا الكيان الذي لو وجدت العدالة الدولية فرصةً لإنفاذها، لحاكمت معظم قيادات الكيان باعتبارهم يمارسون الإرهاب المباشر والقتل والتهجير القسري والاعتقال التعسّفي والطرد الجماعي والتطهير العرقي وهدم المنازل وسرقة المزروعات وضم الأراضي بالقوة. علينا جميعاً دعم الأونروا ليس فقط لأجل ما تقدمه من مساعدات وخدمات ضرورية، لكن لأنها أصبحت أيقونة ورمزا ضد ممارسات الظلم والقهر على الشعب الفلسطيني. وهي تأخذ شكل الضمير الإنساني الذي يحاول الكيان الصهيوني خنقه اعتقاداً بأنه عندما تختفي الوكالة فسوف تختفي معها القضية. هذه القضية الفلسطينية الإنسانية ستبقى الشوكة في خاصرة القهر البشري.