غسل هموم وأحزان

تعطر ذكرى الإسراء والمعراج الشريفتين الأجواء في العالميين العربي والإسلامي وفي هذه الظروف بالتحديد والتي عظم بها الأمل والرجاء بالله بعد أن ضاقت السبل وتقطعت وزاد الألم والوجع والفقدان والحزن.

ابتهال ومناجاة للقادر الرحيم على إنقاذ الأمة من الشرور والظلم والطغيان والقتل والتشريد والتجويع وسائر ما لا يخطر على بشر وعلى البشر من صنوف وابادة وجرائم تطال العالم العربي والإسلامي دوما.
الذكرى هي للمتأمل في معنى التدبر في قهر الدنيا وظلم الإنسان وتجبره ومن ثم اللجوء إلى الله والملجأ للبوح والاستغفار وطلب الرحمة مقرونة بالعبادة المخلصة واليقين التام والإخلاص الصادق برسالة الحق المنزلة على خير البشر والرحمة المهداة.
لعل جوانب عديدة من الذكرى العطرة تحتاج إلى تناول وإحياء وبث ومنها: نجدة السماء بالرضا والقربات والمكرمات ومنها فرض الصلاة علينا نؤديها طوعا في اليوم والليلة لنكسب الثواب المضاعف، وكذلك ما أجزل الله لسيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه من فضل على سائر الأنبياء والرسل وما وهب لأمته من شفاعة وتفضيل.
ونحن نتفيئ ظلال التكنولوجيا الحديثة ونتصور دقة وبلاغة حادثتي الإسراء من بطاح بكة إلى الأقصى وتفاصيل الصعود والمعراج إلى السموات العلى وحظوة النبي لدى الله وما شاهد من مناظر، لهي دلائل على قدرة الله على الأمر ليكون وإلى عهدنا في الدنيا ما يشير إلى بعض من دار البقاء والحق اليقين.
للمقارنة والتمثيل ولغسل الهم والحزن يمكن الاسترشاد بذكرى الاسراء والمعراج ببث العديد من صور الفرج في النفوس بعد صبر وكظم وترقب ومناشدة وطلب المساعدة والعون والمدد والظفر بالغوث والنجدة والنصر.
عمر ما نتعرض له ليس بمثل ما كان للدعوة المباركة ورسالة الحق لنبينا ورسولنا وحبيبنا المصطفى المختار حين رفع يديه للسماء مناجيا: » اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى ولاحول ولا قوة إلا بك».
مهما توالت المحن فهناك منح من الله يهبها للمؤمنين ولرجال الحق ولمن سار على درب الحق لليوم الموعود والمشهود وذلك على المولى غير بعيد.
صور غاية في الروعة ودقة الوصف في سورة الإسراء والتفاسير والشروحات لمعنى ومدلول حادثتي الإسراء والمعراج ونحن نتصورها اليوم فما بال من صدق الرؤيا وايقين بقدرة الخالق البارىء المصور؟
في كل مرة نتناول فيها معاني الذكرى، لا بد من احياء وتجديد أثر الصبر ومدلول الجائزة والربط بين الأرض والسماء والمباركة بينهما زمان ومكان وقيمة وقدر وتعظيم في نفوس المؤمنين بحق وعمل وطاعة وبذل وجهاد.
الأجيال الفتية تحتاج إلى غرس العديد من مفاهيم وصور ومعاني ذكرى الإسراء والمعراج في نفوسهم بشكل من أشكال الاحتفال والتدبر والإجابة عن تفاصيل الأسئلة المكررة والمكرمة منهم ولهم ولأجل أن تكون لهم الذكرى عطرة بالتذكر والاستحقاق والرجاء والعبرة.
جميلة وحلوة صور الإنشاد والاحتفاء والبهجة بما كافأ به الله الحبيب من عون ومساندة ورفعة ومنزلة حين صعد من الأرض إلى السموات العلى وما كان له من فضل وكرامة وبما اغدق له العطاء وأسبغ الله من العطيا.
لعلها من الله غسلا للهموم والأوجاع ونصرا من عنده مبينا كما كان من قبل وسيبقى من بعد