أصبحت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني منذ 23 عاما مركزا لوجستيا عالميا ووجهة متكاملة للسياحة والتجارة والاستثمار والترفيه وأنموذجا للإدارة الحديثة التي تواكب المستجدات العالمية.
فقد تغيرت معالم العقبة خلال وقت قياسي من مسيرة المدينة وإقليمها عبر السنوات الماضية وبلغت أوجها في العام 2023 ضمن توجيهات جلالة الملك لجعلها محورا عالميا جاذبا استقطب كافة عناصر التنمية الاقتصادية والسياحية، وغدت وجهة مركزية لثلاث قارات وإطلالة اقتصادية معاصرة على الإقليمين العربي والدولي.
وجاء إنشاء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لتكون باكورة العطاء في رحلة النجاح الاستشرافية التي تطلع لها جلالته حيث صادق جلالته في العشرين من نيسان عام 2000 على خطة كبرى متكاملة لتحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة لتكون مركزا تجاريا على مستوى عالمي من شأنه رفع مستوى معيشة مواطني المنطقة ويحقق رخاءهم الاقتصادي من خلال تنمية مستدامة.
رئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة نايف حميدي الفايز، قال لوكالة الأنباء الأ{دينة (بترا)، إن مراحل تأسيس المنطقة الخاصة جاءت من خلال المشروع الملكي كقصة نجاح أردنية وفق مخطط استراتيجي لأهداف اقتصادية وتنموية وسياحية، مشيرا إلى أن عدد سكان المدينة ارتفع من 88 ألفا عند إعلان العقبة منطقة خاصة إلى أكثر من 240 ألفا حاليا وهذا دليل على الجذب السكاني الذي جاء بفعل تطور الخدمات والبنى التحتية والتوسع بحجم الاستثمارات فيها وحاجاتها للأيدي العاملة وتشغيل أبناء المنطقة في كافة القطاعات.
وأضاف، إن العقبة الخاصة كانت نتاج رؤية ملكية ثاقبة، استشرفت المستقبل وما زالت تحظى باهتمام خاص من جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث تحتضن حاليا استثمارات موزعة على قطاعات حيوية كالسياحة الداخلية والخارجية والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات بمختلف أشكالها والعقارات، وهي تسير بالاتجاه الصحيح رغم كل التحديات والأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالمنطقة والعالم.
وبين أن العقبة تحتضن بعد 23 عاما من الإنجاز المتراكم الذي أراده ورعاه جلالة الملك عبدالله الثاني، 32 رصيفا مينائيا عاملا ومتعدد الاستعمال، ليخدم المملكة ودول المنطقة ومراكز جمركية متطورة لتسهيل عمليات المعاينة والمناولة والتخليص، مشيرا كذلك الى توسعة مطار الملك الحسين الدولي ليصبح مطارا دوليا يعمل بسياسة الأجواء المفتوحة وقادر على التعامل مع مليوني سائح سنويا حتى نهاية الربع الأخير من العام الماضي بسبب الظروف العاصفة في غزة.
الخطة الممتدة حتى عام 2028 مؤلفة من ثلاثة محاور مرتبطة بعدد من المؤشرات القابلة للقياس وهي الاستثمار والسياحة والتجارة وترتكز بالدرجة الأولى على الرؤية الملكية للعقبة الخاصة التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني لتكون وجهة سياحية استثمارية تجارية على البحر الأحمر لتحقيق استثمارات جديدة، يقول الفايز، لافتا الى زيادة عدد المناطق الصناعية من منطقتين إلى (5) وارتفع عدد المراكز اللوجستية (المناطق الحرة) من (5) إلى (10) مراكز لتكون حاضنة لاستثمارات متعددة.
وأشار الفايز الى جهود سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد منذ أول اجتماع له بهذا الخصوص، حيث لم يدخر جهدا لإعادة بوصلة العقبة إلى مسارها الصحيح، وتكررت زيارات سموه الدورية بهدف المتابعة الميدانية والإشراف المباشر على تنفيذ الخطط والتقييم والتقويم، فيما بدأت النتائج الإيجابية بالظهور على أرض الواقع.
وأوضح الفايز أن متابعات سموه وزياراته واجتماعاته المتواصلة أعادت العقبة من جديد إلى خريطة الاستثمارات المختلفة، سيما السياحية التي تستحوذ على اكثر من 50 بالمئة من حجم الاستثمارات الكلية والموزعة ما بين عقارية وصناعية وسياحية وغيرها من الاستثمارات.
وأكد ان السلطة تعمل ضمن خطتها الاستراتيجية للأعوام 2024- 2028 والتي تشمل ست أولويات أساسية الأولى تركز على تعزيز مكانة العقبة على خارطة السياحة العالمية كوجهة مميزة للسياحة البيئية والتراثية على خليج العقبة، فيما فيما تهدف الثانية الى تمكين منطقة العقبة كوجهة عالمية جاذبة للاستثمار، والثالثة تركز على تعزيز النمو الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة واستحداث منطقة مرنة قادرة على التكيف، أما الأولوية الرابعة فهي التحول الى مدينة ذكية لتحسين جودة العقبة في المنطقة، والخامسة جعل العقبة مركزا اقليميا للمهارات الفنية والتقنية، وأخيرا جعل العقبة مركزا اقليميا للريادة والابتكار .
وفي مجال التعليم العالي دعمت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة العديد من الصروح التعليمية بأرفع مساقات التعليم العالي، حيث انشأت جامعات متخصصة كالجامعة الطبية الشاملة ومستشفى تعليمي يملكها القطاع الخاص إضافة إلى جامعة العقبة للتكنولوجيا وتعد هذه المشاريع كاستثمار ممكن للمشروعات الأخرى يدعم قطاعي التعليم والصحة، فضلا عن الجامعة الأردنية في العقبة وجامعة البلقاء التطبيقية ومن شأن ذلك استقطاب الاستثمار في العقبة، حيث استقطبت تلك الجامعات أكثر من 70 بالمئة من السعة الطلابية من خارج الأردن والدول المجاورة، كما استقطبت الكثير من أبناء العقبة ومحافظات الأردن، مثلما استقطبت العقبة أربع جامعات وثلاث أكاديميات طيران ومدرسة دولية ومدارس حكومية ومدارس خاصة وخمسة مستشفيات .
ومن هذا المنطلق فقد حرصت سلطة العقبة على دعم قطاع التعليم في المحافظة كرديف فاعل لوزارة التربية والتعليم والارتقاء به نظرا لأهمية العملية التربوية والتعليمية في بناء الإنسان القادر على الوفاء بمتطلبات التنمية ومجابهة تحدياتها، مشيرا الى أن السلطة نفذت بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم مجمع المدارس المركزية في المنطقة الشمالية بهدف حل مشكلة الاكتظاظ المدرسي السنوي في مدينة العقبة.
وبحسب الفايز تم توقيع اتفاقية بين السلطة وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين بهدف تعزيز التعاون وتمكين منطقة العقبة من دعم وتطوير أداء المعلمين والتربويين واكسابهم المهارات اللازمة، وتطوير القيادة المدرسية بما ينعكس على الأداء التعليمي للمعلمين والطلبة.
وتضمنت الاتفاقية البرامج التعليمية، كبرنامج الدبلوم المهني في التعليم للمعلمين وبرنامج الدبلوم المهني في القيادة التربوية المتقدمة وبرنامج بيداغوجيا المباحث المتخصصة للمعلمين وغيرها من البرامج التي تستهدف البيئة التعلمية المستدامة.
ولفت الفايز الى أنه ومنذ تسلم ولي العهد متابعة ملف العقبة، أبرمت سلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة اتفاقيات استراتيجية بين مجموعة موانئ أبوظبي، المحرك الرائد للتجارة والخدمات اللوجستية مع شركة تطوير العقبة، للمساهمة في تطوير قطاعات السياحة والاستثمار، واستطاعت العقبة الخاصة تسويق المثلث الذهبي "العقبة وادي رم و البترا " من خلال دعم وكلاء السياحة والسفر محليا ودوليا وتقديم عروض لجذب السياح حيث يعتبر هذا النظام الأول من نوعه في المنطقة وبالتعاون مع الشركاء في وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة من خلال تفعيل برنامجي (أردنا جنة) وموسم التخفيضات في العقبة الذي استقطب عشرات الآلاف من الزائرين الأردنيين ومجموعات سياحية خارجية.
ويبين الفايز أن السلطة عملت على تطوير البنية التحتية الأساسية في المدينة وأطلقت عددا من المشاريع أهمها: تطوير المناطق التجارية الثلاث وسط المدينة من خلال إنشاء مواقف للسيارات وتطوير منظومة النقل وتسهيل نقل الركاب.
ولفت الى استمرار السلطة بدعم المبادرات المجتمعية الرامية لتنمية المجتمع المحلي من خلال دعم المدارس والمشاريع الميكروية والريادية، وتعزيز المشاركة المجتمعية ومبادرات التشغيل والتدريب المنتهي بالتوظيف وتطوير البلدة القديمة وساحة الثورة العربية وخدمات البنية التحتية في لواء القويرة، بموازاة النقلة النوعية في قطاع النقل والبنى التحتية للخدمات اللوجستية والرقمية في مدينة العقبة، كما بدأت السلطة منذ العام الماضي بتحديثات واسعة لمخطط العقبة الشمولي التنموي الاستراتيجي، ليواكب ثورة العالم الصناعية الرابعة والتأسيس للمشاريع المستقبلية.
وأكد الفايز أن من شأن الشراكات الاستراتيجية الخاصة بتطوير منطقة مرسى زايد ومحطة السفن السياحية وإ{ساء نظام رقمي متقدم لمنظومة الموانئ وتطوير وتحديث ميناء متعدد الأغراض وتحديث وتطوير مطار الملك الحسين الدولي في العقبة، أن يسهم في توفير العديد من الفرص الاستثمارية وفرص العمل، وتعزيز الدور المحوري للعقبة كمركز إقليمي مميز في مجالات التبادل التجاري والأعمال اللوجستية وحركتي الملاحة البحرية والجوية.
وبحسب الفايز، بلغ حجم الاستثمارات الكلية في منطقة العقبة الاقتصادية 26 مليار دينار تقريبا، وهي مشاريع متفق عليها وموجودة على أرض الواقع ومعظمها استثمارات سياحية ومشاريع في البنية التحتية أبرزها، منتجع أيله ومشروع سرايا العقبة، إضافة إلى مشروع ساحة الثورة العربية الكبرى وسوق السمك والممشى البحري الجنوبي ومواقف السيارات وسقف سيل الشلالة ومشروع المدينة المائية والميناء الصناعي ومشروع "تالا بيه" ومجمع العقبة الترفيهي ومشروع المناطق التجارية وميناء البواخر السياحية، إضافة إلى المتنزه الشمالي ومول النافورة ومشروع قرية الراحة.
وقال، ان العقبة اليوم ليست كما كانت قبل خمسة وعشرين عاما فقد غدت انموذجا اقتصاديا سياحيا اجتماعيا متطورا وصارت وجهة استثمارية محلية وعربية وعالمية، مؤكدا أن العقبة تزداد ألقاً يوما بعد يوم بجهود ورعاية جلالة الملك وولي عهده، وتزدان بأبنائها وبناتها والقاطنين فيها القادرين على تحقيق الانجاز تلو الانجاز.