الأردني (مُنتمي) لوطنه و(مُحب) لقيادته

الفرح العفوي المشروع الذي عبّر عنه الأردنيون على اختلاف مواقعهم وتعدد انتماءاتهم الفكرية والحزبية والسياسية، عقب الفوز الباهر الذي حققه المنتخب الوطني لكرة القدم على نظيره منتخب طاجكستان يوم أول من أمس في خضم بطولة أمم آسيا المقامة حاليًا في دولة قطر الشقيقة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ما كان وما زال مشهود لبلدنا التفرد به عن غيره من هوية وحضور وخصال وقيم اجتماعية حميدة وصورة مشرقة في كل المجالات التي تشكل في مجملها الخصوصية الاردنية، التي باتت حديث العالم، وحظيت بتقديره واحترامه على وقع حكمة القيادة الهاشمية ووعي المواطن الاردني المسؤول وتقديره للتحديات التي تمر بها الدولة ما يتطلب المزيد من اليقظة والتماسك وتفويت الفرصة على كل ساعٍ للنخر في متانة وقوة جبهتنا الداخلية التي لطالما تكسرت عليها أطاع الطامعين وكيد الناعقين.
فاز المنتخب الأردني وخرج المواطنون في مركباتهم في مشهد حضاري يعبرون عن فرحتهم بما حققه النشامى، وعمّ المشهد مدن ومحافظات وقرى وألوية المملكة، وارتفعت أصوات الشباب والشابات وهم يهتفون ويرددون بلسان واحد ويحيّون الفريق البطل على الأداء المُشرّف بحناجرهم المخلصة التي عانقت عنان السماء مع حبات المطر وهم يحملون صور جلالة الملك والأعلام الأردنية لتتشكل بذلك لوحة أردنية هي سر قصة نجاح هذا الوطن في تجاوزه للكثير من صور الفوضى والتوترات التي طالما عصفت بالمنطقة، وخرج الأردن منها سالما بفعل هذا النسيج الواحد الذي التقى فيه الأردنيون على حب صدق الانتماء للوطن وخالص الحب للقيادة والملك.
عندما يسألنا أحدهم من هو الأردني؟
نقول إن الأردني هو الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن، وأنه الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات، وأنه الإنسان الشريف العفيف الذي يعي ويقدّر ما يمر الوطن من ظروف صعبة أو استثنائية، وأنه الذي يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات.
والأردني هو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه، والأردني هو الذي لا يقبل بأي أجندة إلا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنيين وطموحاتهم، والأردني هو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحية وإنجاز وليس بمقدار ما يملك من مال أو جاه، والأردني هو الذي ينظر للمستقبل وعملية التحديث بعزم وإصرار، ويستمد القوة والثقة بالمستقبل من إيمانه بالله عز وجل ومن اعتزازه بتاريخه وتراثه وقيمه الأصيلة.
حُقَّ لنا الفرح وحُقّ لنا هذا التميز وحُقّت لنا هذه الفرادة، وحُقّت لنا هذه القيادة، وحُقّ لنا اليوم أن نعيد قراءة ما قاله الملك (فنحن في الأردن نؤمن أننا أسرة واحدة يتساوى أفرادها في جميع الحقوق والواجبات بغض النظر عن الأصول والمنابت، ونحن نؤمن أيضا أن الانتماء الحقيقي الصادق للأردن وترجمة هذا الانتماء إلى عمل وأداء للواجبات، هو مقياس المواطنة الصالحة)