92 يومًا على أفظع حروب القرن

منذ السابع من أكتوبر الماضي، هذا التاريخ الذي دخل التاريخ من اوسع أبوابه عندما قامت المقاومة في غزة بأكبر هجوم لم تعهده دولة الاحتلال منذ نشأتها على أرض فلسطين التاريخية السليبة، هجوم وبعد مرور 92 يوماً لم يستطع قادة الكيان تحديد أسباب حدوثه ونجاحه في اختراق أكبر منظومة استخباراتية عسكرية ليس في المنطقة وحدها فحسب، بل على مستوى العالم. منظومة تم استهدافها بشكل مباشر وسريع ومؤثر أدى إلى وصول المقاومة الفلسطينية إلى تحقيق غايات ربما لم تكن في حسبانها.

منذ بدأت حملة الجيش الصهيوني على غزة، فقد تبين أن الدمار والخراب الذي لحق بالقطاع، فاق كل الصراعات والحروب منذ مطلع هذا القرن الحادي والعشرين، نعم فقد استخدم الكيان الصهيوني أقذر ما يمكن استخدامه في الحروب، بتدميره للبيوت على رؤوس ساكنيها من المدنيين، وقصف الحجر والشجر والبشر براً وبحرا وجواً، فكانت الحصيلة غير النهائية تتحدث عن استشهاد ما ينوف عن 25 ألف شهيد منهم 70- 80% من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يقارب 60 ألف مصاب وجريح ومعاق، مع نزوح 1,9 مليون إنسان فلسطيني من مناطق سكناهم إلى مناطق لم تنج من القصف والاستهداف بالدمار والقتل العشوائي الهمجي. وهو أكبر عملية نزوح منذ النكبة الفلسطينية عام 1948. إن الدمار الذي لحق بالقطاع لم تحدثه أية حروب في المنطقة بالحجم والأثر والسرعة، ولم يحدث استهداف للمدنيين وللمستشفيات وللمدارس وللأماكن الدينية في أية حرب كما هو الحال مع غزة. ولم يتم استهداف الأطباء والصحفيين كما يتم في غزة، فهي حرب لا غاية لها سوى مواصلة التدمير والخراب والقتل العبثي وعدم إبقاء شيء يمكن أن يساعد على العيش والحياة. حرب لم تبق موقعاً آمنا على المساحة التي تقوم عليها غزة. إن حجم الشهداء المدنيين الذين قضوا في هذه الفترة القصيرة، هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في هذا القرن. لقد أكدت التقارير أنه لم يعهد عشوائية في القصف الجوّي لأية حرب سابقة كما هو الحال مع قصف الطيران الصهيوني لغزة، وأيضا لم يعهد استهداف مباشر ومن مسافات قصيرة جداً للمستشفيات والمراكز الطبية، كما تفعله قوات الكيان الصهيوني في غزة. مع ذلك وبعد 92 يوماً من هذه الحرب الهمجية المفتوحة على أهداف عدمية، وبحسب أرقام الكيان، هناك 12500 مصاب عسكري صهيوني بإعاقات دائمة، وأنه بتصريحات من بعض قياداته، فهو لم يحقق حتى الآن أي هدف من اهدافه التي أعلن عنها عند بدء الحرب، وأن المقاومة الفلسطينية ما زالت تمتلك قرارها وإرادتها، وأن الرأي العام العالمي قد تحوّل في معظم دول العالم إلى مناصرة الفلسطينيين وعدم الوثوق في الروايات الصهيونية التي استخدمت كافة اساليب التضليل الإعلامي وخبرات الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد تلك الروايات تنطلي على جموع البشر الذين ما زالوا يملأون الميادين والساحات في مختلف عواصم ومدن العالم الرئيسة ضد الكيان وحربه الهمجية العبثية العشوائية. 92 يوما على حرب لم تضع أوزارها بعد، لكنها مثقلة بأرقام لم تعهدها البشرية من حيث حجم وكمية الدمار والقتل والقصف، إلا أنها أيضاً تحمل بشائر النصر والصمود.

د.ماجد الخواجا