د.زريقات تكتب :الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية و التعليم في القطاع الحكومي

سألت نفسي يوما ودوما : أين نحن من التخطيط الاستراتيجي في مؤسستنا التربوية ؟ هل نتقن التحليل الرباعي للواقع ؟ وهل قرارنا معتمد على البيانات وتحليلها ؟ هل يتقن من هم في موقع المسؤولية في الصف الثاني والثالث ذلك ؟ لماذا تفشل بعض البرامج بالرغم من التخطيط الطارئ قصير المدى  والعمل على متابعتها ؟ هل هناك متابعة وتقييم حقيقيين ومن جهة محايدة أو مستقلة ؟ هل هناك مختصون ومؤهلون بالمتابعة والتقييم ؟

  أسئلة كثيرة حاولت الإجابة عليها وإيصالها لصانع القرار ومتخذه مرات عديدة  .
أتذكر قبل عامين وفي جلسة لجنة التخطيط المركزية في وزارة التربية والتعليم وبحضور معالي الأستاذ الدكتور وجيه عويس ، أننا ناقشنا وخططنا سوية وبتوجيهات ملكية سامية لتطوير الثانوية العامة وتطوير التعليم المهني ، والذي تم البدء بتنفيذه هذا العام ، وأنتم تعلمون أن الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025  جاءت بتوجيهات ملكية سامية ، وكان رئيس اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية  معالي الأستاذ الدكتور وجيه عويس أيضا ،  وخرجت بتوصيات من شأنها ترجمة الرؤى الملكية السامية في تطوير منظومة متكاملة وإستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية ، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم وتنسجم مع الرؤية الاقتصادية للسنوات العشر من 2016 ولغاية 2025 . كم أتمنى أن ينهج نهج سيدنا هذا وفكره وقدرته على التخطيط بعيد المدى  ، الكثير من المسؤولين وخاصة من هم في الصف الثاني ، وهم الجهة التنفيذية التي حقيقة تنتظر التوجيهات من الصف الأول للعمل .
جاءت التوصيات ترجمة للرسالة الملكية السامية ،  والتي عبرت بوضوح تام عن الرؤية الثاقبة لجلالة سيدنا الغالي حفظه الله ورعاه بأهمية تنمية الموارد البشرية ، من خلال بناء الإنسان الأردني بناء متكاملا ومتوازنا مزودا بالمعارف والمهارات التي تمكنه من المشاركة الفاعلة في عملية التنمية ، وتؤهله للمنافسة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية . تضمنت الإستراتيجية ثلاثة قطاعات رئيسية : أولها قطاع التعليم الحكومي ويشمل المحاور التالية : محور التعليم المبكر للأطفال ، ومحور تطوير المناهج الدراسية ، ومحور امتحان شهادة الثانوية العامة ( التوجيهي ) ، ومحور تدريب المعلمين وأساليب التدريس ، ومحور إدماج التكنولوجيا في التعليم ، ومحور المتابعة والتقييم لمشاريع تطوير التعليم العام . أريد أن أشير لمحور تطوير المناهج الدراسية ، والذي أشار بوقتها إلى تشكيل هيئة عليا شبه مستقلة لتطوير المناهج الدراسية من مختصين في وزارة التربية والتعليم وخبراء آخرين من ذوي الكفاءات والخبرات التربوية والأكاديمية والعلمية ، والمطلعين على تجارب الأمم المتقدمة في هذا المجال ، بحيث تتم على مرحلتين المدى القريب والبعيد ويكون للهيئة صفة تشريعية واستقلالية تمكنها من وضع السياسات محددة للمناهج ومتابعة تأليفها وتدريسها والتأكد من مطابقتها للسياسات الموضوعة .
والهيئة تهدف الى تنقية المناهج من الأفكار المتطرفة التي تشكل خطرا على المجتمع ، مع التأكيد على مفاهيم التسامح والتعايش والتعاون واحترام الآخر وترسيخ الانتماء الوطني والقيم الإنسانية ، والتركيز على المهارات اللغوية ومهارات التفكير النقدي البناء والاستنباط والاستكشاف بدلا من أسلوب التلقين والحفظ ،  بالإضافة إلى مواكبة المستجدات التعليمية والتربوية الحديثة  ، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية ، هل اتسمت مناهجنا مع كل الاحترام بما وجه له سيد البلاد ؟! ، ما الذي إذا أشار إليه الخبير التربوي  د.ذوقان عبيدات في مقالته ، أين توجيهات سيدنا بتطوير المناهج ؟! أتعلمون يا سادة أن سيدنا تحدث وسبق الجميع هنا الى طبيعة ومحتوى أسئلة الاختبارات الدولية ، فهي تحتاج المهارات اللغوية ومهارات التفكير النقدي البناء والاستنباط والاستكشاف ، إن كان سيد البلاد وقبل تسع سنوات أشار ونبه ووجه لذلك ، أين نحن من ذلك ؟! ولماذا تقييم طلبتنا بالاختبار الدولي تراجع ؟! أتعلمون أن بعض الحواسيب التي استخدمها طلبتنا في الاختبار الدولي كانت بحاجة لصيانة وبعضها تعطل أثناء عقد الاختبار ! أتعلمون أن بعض الطلبة لم يتقنوا التعامل مع البرمجية لتقديم الاختبار !!! هل تعلمون أن حصص الحاسوب تم اقتصارها على حصة واحدة فقط !!! كل ذلك يقودنا للسؤال التالي : هل نحن جاهزون لعقد اختبار وطني الكتروني للثانوية العامة ؟ هل لدينا مراكز مجهزة وبنية تحتية ؟! هل لدينا الخبرات الكافية لذلك ؟! هل طلبتنا لديهم القدرة للتعامل مع البرمجيات والأجهزة خاصة أن عدد لا بأس به لا يعلمون ما هي التكنولوجيا ،  كما لمسنا فترة كورونا والتعليم عن بعد ؟! هل سيستطيع الطالب التعامل مع الأسئلة بجميع أنواعها الكترونيا ؟! ماذا سيحدث لا سمح الله لو واجه طالب مشكلة تقنية أثناء تقديم الامتحان ؟! وهناك الكثير من الأسئلة وأهمها ، هل تعلمون أن الطلبة الذي كان تقييمهم متدني بالاختبار الدولي هم من سيتقدمون لهذا الامتحان ؟! أعتقد أننا بحاجة أولا وقبل ذلك  لرفع سوية التعليم وإعداد خطة إنعاش مختصة – وهي فعلا خطة إنعاش – من تربويين فنيين و مؤهلين و محايدين بالسرعة القصوى قبل كل شيء ولا أريد أن تكون الإجابة هي برنامج التدخلات العلاجية ، لأنها تعالج فاقد وفقر تعليمي والحد الأدنى من المهارات المبحثية ،  ولا تعالج مهارات حياتية ونقدية واستنباطية .
لست ممن يبثون طاقة سلبية أبدا ، أنا ممن يبثون الطاقة الايجابية دوما ويعملون واعتادوا أن يعلموا تحت الضغط ، لكنني أطرح ملاحظات هامة جدا تتعلق بامتحان وطني معياري المرجع ومحكي في آن واحد ….وللحديث بقية ….

المستشارة التربوية : د.ريما سلمان زريقات