تغادرنا سنة 2023 وهي محملة بصنوف التناقضات والعذابات والطموحات المنكسرة والأحلام المؤودة والتوقعات والرهانات الخاسرة، فهي سنة يحق توصيفها بأنها سنة انتكاسة الأمل.
سنة أوجعتنا بالزلازل، ففي الساعات الأولى للسادس من شباط 2023، ضرب زلزال مدمر أجزاءً من الأراضي التركية والسورية في المنطقة الواقعة قرب الحدود بين البلدين بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، أعقبه زلزال مدمر آخر يعادل القوة نفسها تقريباً. تقول الأمم المتحدة إن الزلزالين تسببا بواحدة من أكبر الكوارث.وتسبب الزلزالان، أو ما يعرف بـ «زلزال قهرمان مرعش»، بمقتل نحو 55,000 وإصابة أكثر من 100,000.
سنة صعبة على السودان، في 15 نيسان الماضي، بدأت الاشتباكات بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي يترأس البلاد، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة لمحمد حمدان دغلو والمعروف باسم حميدتي، في صراع على السلطة التي كان من المفترض أن تسلم للمدنيين. وتصاعدت أعمال العنف بين الطرفين وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 12 ألفاً وإصابة أكثر من 33 ألفاً، في الحرب التي ما زالت مستمرة.
وأدى الزلزال الذي ضرب المغرب في التاسع من أيلول 2023، بقوة بلغت 6.8 درجات على مقياس ريختر وكان مركزه إقليم الحوز وامتد إلى مناطق أخرى، إلى مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين، كما دمر عشرات المدن والقرى.
وعصف إعصار دانيال بالسواحل الشرقية لليبيا في 11 أيلول الماضي، وهو ما أدى لإغراق أحياء كاملة ومقتل وفقدان الآلاف.تسبب الإعصار الذي ضرب درنة وبنغازي والبيضاء وسوسة والمرج وشحات، بفيضانات مدمرة، قسمت مدينة درنة التي كان يقطنها قرابة مئتي ألف نسمة إلى قسمين شرقي وغربي.
إنها سنة غزة العزة، عندما حان السابع من أكتوبر بقيام حركة المقاومة بأكبر عملية اجتياح لغلاف غزة من المستوطنات، حرب قتلت فيها دولة الإحتلال الصهيوني نحو 20,000 فلسطيني في قطاع غزة، ناهيك عن المفقودين تحت الأنقاض، فيما تظهر إحصائيات وزارة الصحة في القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن 16 عاماً، أن أكثر من 70 % من الضحايا هم من الأطفال والنساء.
إنها سنة لن تنتهي بنهاية 31ديسمبر، فهي ستحمل معها كل الأوجاع والآلام والآمال لأعتى حربٍ تواجهها القضية الفلسطينية، وهي أيضا ستحمل أوجاع السوريين واللبنانيين واليمنيين والعراقيين والليبيين والسودانيين. سنة صعبة موجعة وأليمة على الإنسانية كلها، لكنها الأكثر دموية في منطقتنا العربية.
سنة شهدنا فيها تقلبات السياسة والأسعار والمناخ وشحّ المياه وتوترات هنا وهناك، سنة ما زالت روسيا في حرب لم تنته مع أوكرانيا، حرب غيّرت المعادلات السياسية والإقليمية وأدخلت العالم في احتمالات شتّى انتظاراً لشتاءٍ صعب وقاسٍ خاصة على دول أوروبا.
سنة نودعها ليس بالدموع بل بالأمل في قادم الأيام أن نشهد حالة أكثر استقراراً وسكينةً وألفةً.
سلاما 2023 ... بالأمل نرحب في 2024.