تؤدي المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، رسالتها القومية والإنسانية وتلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق ومواجهة كافة الممارسات الإسرائيلية التي تتخذها إسرائيل في التضييق على أصحاب الحق والأرض، ومارست الدبلوماسية الأردنية تأثيرها ونفوذها في المنابر الدولية وهبت للدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم وعاصمتها القدس الشريف.
وقدم الأردن وعبر تاريخه المجيد كل ما يلزم من أشكال المساندة لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومنع التهجير القسري عن أرضة التاريخية، وجاءت المستشفيات الميدانية العسكرية الأردنية المزودة بطواقم من ذوي الاختصاصات الطبية المختلفة لتمثل أحد أهم أشكال الدعم الأردني في تقديم الرعاية الطبية اللازمة للذين تعرضوا لإصابات متنوعة جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية العنيفة والمتكررة.
ففي عام 2000 أرسلت القوات المسلحة الأردنية محطة علاجية ما زالت عاملة حتى وقتنا الحاضر إلى مدينة رام الله، وتم تجهيزها وتزويدها بما يلزم من خبرات ومعدات ومستلزمات طبية، لتضميد جراح الأهالي في الضفة الغربية والوقوف إلى جانبهم جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي المُدمر عام 2002، أرسلت القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي محطة علاجية أخرى إلى جنين بهدف التخفيف عن الأشقاء وتقديم المساندة الطبية والعلاج الطبي اللازم للجرحى والمصابين، لتكون بصمة أردنية طبية مميزة شاهدة على عمق ومتانة الأخوة بين الشعبين الشقيقين.
وضمن الجهود الأردنية المتواصلة في مد يد العون والمساعدة لأبناء الشعب الفلسطيني، وفي نهايات عام 2008 ونتيجة للعدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، وبتوجيهات من لدن جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، أُرسل المستشفى الميداني الأردني غزة/1 في كانون الثاني عام 2009 واستمر مدّة 14 عاماً، واستقبل خلال هذه المدة نحو مليوني مراجع من الأشقاء في قطاع غزة، وكان أول مستشفى عربي يصل إلى القطاع.
واليوم وفي ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي المستمر الذي تقوده إسرائيل على القطاع ضاربة بعرض الحائط القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، والذي خلف دماراً هائلاً وتسبب في إزهاق أرواح وإراقة دم أكثر من عشرين ألف شهيد بين طفل وشاب وشيخ مسن.
وانطلاقاً من أدوارها المشهودة في التخفيف من آثار العدوان الغاشم الذي تعرض له القطاع بعد السابع من تشرين الأول وخروج مستشفيات قطاع غزة عن العمل، واصل الأردن دعمه المستمر لأبناء الشعب الفلسطيني وقام بإرسال المستشفى الميداني الأردني الخاص/2 جنوب قطاع غزة إلى مدينة خان يونس بسعة استيعابية 41 سريراً، بمختلف الأقسام والعيادات وبسعة 41 حاضنة، تديريها 145 من الفرق والكفاءات الطبية في الخدمات الطبية الملكية، والتي تُجسد سردية أردنية تعبر عن تضامن الشعب الأردني مع الشعب الفلسطيني الشقيق.
ومع تطور الأحداث في الضفة الغربية وتزايد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على أبناء الضفة قامت المملكة وبتوجيهات سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني بتجهز المستشفى الميداني الأردني نابلس/1 وإرساله للأراضي الفلسطينية، لتقديم الخدمة الطبية والعلاجية والمساهمة في التخفيف من الأعباء عن المستشفيات الفلسطينية.
ومع ازدياد الصراع حدة ووحشية وقيام العدو الإسرائيلي بارتكاب المجازر ضد أبناء شعبنا الأعزل في القطاع وفي ظل شح المساعدات الإغاثية والدوائية والغذائية، عملت القوات المسلحة الأردنية وبالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين على إرسال مساعدات طبية وإغاثية عن طريق إنشاء جسر جوي من مطار ماركا العسكري إلى مطار العريش في جمهورية مصر الشقيقة، وصل عددها 22 طائرة، تضم مواد طبية وغذائية وإغاثية، بالإضافة إلى تنفيذها لستة إنزالات لمساعدات طبية عاجلة جواً إلى المستشفى الميداني العسكري في مدينة غزة والمستشفى الميداني الأردني الخاص/2 في خان يونس بواسطة المظلات.
وتستمر القوات المسلحة الأردنية ــ الجيش العربي في أداء دورها بمساندة الأشقاء في قطاع غزة وحتى انتهاء العدوان، مجسدةً سردية أردنية تعبر عن تضامن الشعب الأردني مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وانطلاقاً من الالتزام التاريخي للقوات المسلحة في حمل هموم الأمة والدفاع عن قضاياها.
وثمنت لجنتا الصحة في مجلسي الأعيان والنواب و، توجيهات جلالة الملك وجهوده المستمرة في دعم الأهل في القطاع والضفة الغربية بإرسال المساعدات الإنسانية والطبية وتقديم العلاج لهم عبر المستشفيات الميدانية العسكرية في الضفة والقطاع.
رئيس لجنة الصحة والبيئة والسكان في مجلس الأعيان الدكتور ياسين الحسبان، قال إن توجيهات جلالة الملك لإنشاء المستشفى الميداني في قطاع غزة؛ جاءت تلبية لاحتياجات الأهل في الضفة والقطاع منذ عام 2009، وما تلاها من مستشفيين ميدانيين آخرين أحدهما في خان يونس في جنوب غزة والآخر في نابلس.
وأشار إلى أن المستشفى الميداني الأول والثاني في قطاع غزة مجهّزان بأحدث التجهيزات والإمكانيات وأفضل التقنيات والمعدات الطبية، والخدمات الطبية فيهما مستمرة، في الوقت الذي توقفت فيه أغلب مستشفيات القطاع عن تقديم الخدمة، أو تعاني من نقص في تقديمها.
وبين أن المستشفيات الميدانية الأردنية تحتوي على كل التخصصات بكوادر متخصصة، إذ يوجد فيها أقسام للطوارئ وللباطنية العامة، والعناية الحثيثة لكل من النساء والرجال على حدة، ومختبرات طبية وصيدليات وأقسام أشعة وتعقيم فيها، فضلا عن 41 وحدة خداج، هي الأولى من نوعها على مستوى المستفيات الميدانية العسكرية في العالم.
وأشار في هذا الصدد إلى متابعة اللجنة الصحية بشكل يومي لتقارير أعمال المستشفيات الميدانية أولا بأول، "وما يصلنا من حجم كبير لحالات الإدخال وعدد العمليات الجراحية فيها،"، مبينا وجود طاقم طبي متخصص في جراحة التجميل وجراحة الأطفال والتخدير والإنعاش وغيرها من التخصصات الطبية، لافتا إلى إيصال ألفي وحدة دم بعناية فائقة إلى القطاع.
وركز على أن اللجنة الصحية في الأعيان تتابع يوميا كل خدمات المستشفيات الميدانية في الضفة وقطاع غزة، "فأهلنا في غزة والضفة هم أهلنا، فهو واجب وطني علينا، فجلالة الملك يدعونا لتقديم كل ما نستطيع تقديمه لأجلهم".
وأكد أن التاريخ لم يشهد كارثة مثلما يحدث الآن في قطاع غزة وما يجري على أرضه من هدم وتدمير وإبادة جماعية وتهجير، وقصف للمستشفيات، يدفع ثمنها غاليا آلاف أرواح الأبرياء.
وركز على أن جلالة الملك حذر من تبعات الظلم في المنابر والمحافل الدولية ووسائل الاعلام، وكان يردد كلمته دائما بأنه "لا يمكن أن تنعم إسرائيل ولا المنطقة بالسلام إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة وغير منقوصة.
بدوره، قال رئيس لجنة الصحة والغذاء النيابية الدكتور محمد الخلايلة، إن ما يجري في فلسطين في غزة، جريمة حرب بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وإن الشعب الفلسطيني يواجه اليوم أربعة حروب شرسة، عسكرية وسياسية وإعلامية وإنسانية.
وأكد أن الأردن يشهد حالة فريدة من نوعها في تناغم الموقفين الرسمي والشعبي بقيادة جلالة الملك الداعي لوقف العدوان على غزة.
وأشار إلى أن جلالة الملك قاد وما يزال جهودا دبلوماسية كبيرة لمساندة صمود الشعب الفلسطيني وتوضيح الحقائق للعالم لوقف هذا العدوان الغاشم وليكون هناك حل سياسي لكل ما يجري وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ومستعجل.
وبين أن جهود جلالة الملك وجلالة الملكة رانيا العبد الله، وسمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، أسهمت بشكل كبير وفعال في تغيير الصورة لدى المُجتمع الغربي عما يحدث في غزة من قتل وتشريد وتدمير وإبادة وتطهير عرقي، فضلًا عن إيصال الصوت الفلسطيني قطاع غزة بشكل خاص إلى مُعظم دول العالم.
وأشار إلى جهود جلالة الملك لوقف الحرب على غزة بدأت من منذ اللحظات الأولى للعدوان الغاشم، فضلا عن توجيهات من جلالته، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإرسال المستشفيات الميدانية استمرارا لجهود الأردن في الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى ومصابي العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأكد أن موقف الأردن الصلب يأتي من صلابة ومتانة جبهته الداخلية ووحدة الصف خلف جلالة الملك.