شهدت شوارع المملكة مع دخول قانون السير المعدل رقم 18 لسنة 2023 حيز التنفيذ، أمس الثلاثاء، التزاما بقواعد وأولويات المرور، وابتعادا عن المخالفات الخطرة.
وجاء قانون السير المعدل الذي أصبح ساري المفعول بعد مرور 30 يوما على صدوره في الجريدة الرسمية، واستكماله مراحله الدستورية كافة، بهدف توفير بيئة آمنة على الطرق من خلال تغليظ العقوبة على المخالفات الخطرة المؤدية للحوادث وما ينجم عنها من وفيات وإصابات، إذ غلظ بعض المخالفات وزاد من قيمتها، كونها كانت تسبب "استنزافا في العمل المروري"، فهناك جزء من المخالفات الخطرة رُفعت قيمة غرامتها المالية، كما جرى مضاعفة قيم الغرامات المالية لبعض المخالفات الخطرة في حال تكرارها مثل قطع الإشارة الحمراء.
وقال مدير إدارة السير المركزية، العميد فراس الدويري، إن إدارة السير تسعى لتحقيق رسالة مديرية الأمن العام الهادفة لتحقيق السلامة المرورية على الطرق من خلال التزام السائقين بقانون السير والابتعاد عن المخالفات الخطرة.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أنه لوحظ منذ لحظة دخول قانون السير المعدل حيز التنفيذ، التزام السائقين بقواعد وأولويات المرور، والابتعاد عن المخالفات الخطرة ما انعكس إيجاباً على الواقع المروري وأوجد حالة من الأمن وانسيابية الحركة المرورية، بفضل الخطط المنفذة من قبل كوادر إدارة السير المنتشرين منذ ساعات الصباح الباكر.
وتابع، أن إدارة السير عملت قبل دخول قانون السير المعدل حيز التنفيذ على إعداد خطط وإجراءات عملياتية وفنية وميدانية لإنفاذ القانون، باعتبارها أحدى الإدارات المرورية المعنية بتنفيذ أحكام القانون، فعملت أقسامها المنتشرة على مستوى المملكة، بتكاملية الأدوار في تحقيق الهدف المنشود وهو الحد من الحوادث المرورية، عبر جملة من الإجراءات الفنية والعملياتية التي اشتملت على جاهزية البنى الفنية والتقنية اللازمة مثل الربط الإلكتروني، وتدريب العاملين وتزويدهم بالأدوات المعرفية والمهارات اللازمة لتنفيذ القانون، وإعادة تقييم مراكز انتشار النقاط المرورية وفاعليتها وآليات عملها.
وأكد أهمية الوعي المروري في الالتزام بالقيادة الآمنة، ذلك أن السائق الملتزم لن يتأثر بالتعديلات الجديدة أو بتغليظ القيم المالية.
من جانبه، أكد الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، أن زيادة قيمة مخالفات السير بموجب التعديلات الجديدة، لا تؤثر على السائق الملتزم، وإنما تشكل رادعا لمرتكب المخالفة، والمتسبب بالحوادث المرورية، مبينا أن تغليظ بعض العقوبات دعوة للالتزام بنصوص القانون والحفاظ على حياة الأفراد.
وقال إن التعديلات راعت تغير نمط الحياة، وأعطت صلاحيات أكبر في مجال الاعتماد على التكنولوجيا في متابعة الشأن المروري، مؤكدا أن ما يسجله الأردن يوميا من حوادث سير وما ينتج عنها من وفيات وإصابات وأضرار أصبح مشكلة تؤرق الجميع.
وأشار إلى أن 98.8 بالمئة من الحوادث سببها الإنسان، وأن 43 بالمئة من مصابي الحوادث شباب، وأن خسائر هذه الحوادث تصل إلى 350 مليون دينار سنويا، مبينا أنه سجل في المملكة العام الماضي 169409 حوادث مرورية، نتج عنها 562 وفاة، و17096 إصابة، بلغت تكلفتها الاقتصادية 322 مليون دينار.
وأشار إلى تسجيل 76 ألفا و675 مخالفة تجاوز إشارة حمراء منذ بداية العام الحالي، و4336 مخالفة قيادة بطريقة متهورة واستعراضية، و6255 مخالفة المسير على شكل مواكب، وما يزيد على 95 ألف مخالفة استخدام هاتف نقال أثناء القيادة.
وأشار إلى أن بعض الإجراءات فوضت وشرعت الصلاحيات بوقف العمل برخصة القيادة لمدة شهرين، خاصة تلك التي تتعلق بحوادث ينتج عنها وفيات، وحجز المركبة من 24 ساعة إلى 30 يوماً، وحرمان صاحب المركبة من استخدام مركبته.
وشدد على أن الإنسان هو المسبب الرئيس في مخالفات السير والحوادث المرورية، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 98.8 بالمئة من أسباب ارتكاب الحوادث المسببة للوفيات والإصابات هو الإنسان.
وقال إنه وفق دراسة عام 2022 وتحليل مخرجات الحوادث، فقد برزت أخطاء السائقين التي أدت إلى وقوع الحوادث المرورية وكانت مقسمة كالتالي: 40 بالمئة عدم أخذ الاحتياطات اللازمة أثناء القيادة، و 25 بالمئة مخالفات تغيير المسارب، و 10 بالمئة مخالفة الأوليات، و9 بالمئة عدم ترك مسافات أمان، و4 بالمئة التعامل مع المنعطفات بشكل خطير.
وشدد على أن استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، يُسبب في القيادة العمياء وهو ما ينتج عنه الحوادث المرورية، فاستخدام الهاتف يقلل من ردود الفعل المناسبة للسائق، ويقلل من انتباهه ويؤثر على قدرته في اتخاذ القرار المناسب، مشيرا إلى أن الدراسات أثبتت أن استخدام الهاتف النقال هو السبب المباشر وراء كل حادث.
وقال إن السائق الذي يستخدم الهاتف النقال أثناء القيادة بسرعة متوسطة لمدة ثانية واحدة، فإنه سيكون عنده قيادة عمياء على الطريق مدتها 22 ثانية، أما القيادة على سرعة بين 60 و80 كيلو مترا في الساعة فإنه يتسبب بقيادة عمياء لمسافة 44 متراً، مؤكداً أن حوادث السير في العالم تحصد ما يزيد على 1.350 مليون إنسان سنوياً وما يزيد على 50 مليون مصاب.
وأوضح أن مسك الهاتف النقال باليد أثناء القيادة يعتبر مخالفة، أما استخدام السماعة الخارجية للهاتف النقال "السبيكر" فإنه لا يعتبر استخداما واضحا للهاتف لذلك لا يعتبر مخالفة، أما استخدام سماعة السيارة في ظروف غير خطرة، فإنه لا يعتبر مخالفة أيضاً.
وبين أن المادة 42 من القانون المعدل أشارت إلى أنه يحق للمُخالف الاعتراض على صحة المخالفة وقانونيتها وليس على قيمتها المالية، وأن المحاكم هي صاحبة الشأن في النظر في هذه القضايا، كما أن الاعتراضات هو شأن يخص القاضي ويحق له الحكم بصحتها من بطلانها، وبالتالي لم يعد هناك اعتراض على قيمة المخالفات أو تخفيضها.
واعتبر القانون عبور المشاة للشارع من الأماكن غير المخصصة ومن الأماكن الخطيرة أو دون انتباه، سلوكا خاطئا وخطيرا، لا سيما أن النسبة الأكبر من بين ضحايا حوادث السير من الوفيات في العام 2022 كانت من المشاة، وبنسبة 36.1 بالمئة .
ونصت المادة (38) من قانون السير المعدل على أنه يعاقب بغرامة مقدارها 15 دينارا كل من ارتكب مخالفة: "عبور المشاة للطريق في الأماكن غير المخصصة لذلك على الرغم من توفرها فيه".
وبين الناطق الإعلامي أن الحادث المروري يقع في الغالب نتيجة لمخالفة مرورية، ومنها القيادة بصورة متهورة أو استعراضية على الطريق، وتعتبر هذه المخالفة من المخالفات الخطرة والقاتلة، ولتوفير أعلى مستويات الأمان على الطريق فقد غلظ قانون السير المعدل عقوبتها إلى حجز المركبة لمدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد على 30 يوما، الى جانب الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على شهرين، أو بغرامة لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد على 300 دينار، أو بكلتا هاتين العقوبتين، ومضاعفة الغرامة في حال تكرارها خلال سنة من تاريخ ارتكابها.
وفي حال بينت التحقيقات المرورية وقوع مخالفة "إجراء سباق على الطريق دون ترخيص مسبق من الجهات المختصة" فإن عقوبة هذه المخالفة هي "الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة اشهر، أو غرامة لا تقل عن 250 دينارا ولا تزيد على 500 دينار، أو بكلتا هاتين العقوبتين، ويضاف لها الإجراء المتمثل بـ"وقف العمل برخصة القيادة لمدة شهرين".
وبين أن مديرية الأمن العام شددت إجراءاتها تجاه هذا النوع من المخالفات، ضمن حملتها المرورية التي أطلقتها أخيرا، حيث ضبطت منذ بداية العام أكثر من 4 آلاف مخالفة قيادة متهورة أو استعراضية، إضافة إلى 48 مخالفة إجراء سباق دون ترخيص، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات المتخذة أدت إلى الحد من هذه الظاهرة.
وأكد أن مديرية الأمن العام لن تتهاون في ملاحقة مرتكبي هذه المخالفات الخطرة حتى التأكد من القضاء على مثل هذه الممارسات، مشيراً إلى أنّ القانون المعدل شدد العقوبة وغلظها بالنسبة لهذه المخالفة الخطرة بعقوبة الحبس لمدة قد تصل لـ 3 أشهر، وغرامة تصل قد تصل لـ500 دينار أو بكلتا العقوبتين، إضافة لحجز المركبة لمدة قد تصل إلى شهر، وفي حال تسببت مثل هذه المخالفات بوفاة إنسان أو بإصابات بالغة فإن مرتكبها يعاقب بعقوبات أشد وأكثر تغليظاً.
وأكد أن هذا التشديد جاء لحماية مستخدمي الطريق من الأشخاص المتهورين وردعهم واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية المناسبة بحقهم.
وحول مخالفة الفرار من مكان الحادث، أوضح أن هذه المخالفة تعد جريمة خطيرة، وسلوكا غير أخلاقي في التنكر للواجب، والهروب من المسؤولية تجاه المتضررين، فضلاً عن تعريض حياة الآخرين للخطر، ومحاولة واضحة لخداع الجهات الأمنية والقضائية، مشيرا إلى أن الالتزام بالمسؤولية القانونية يجسد مدى الحرص على سلامة الآخرين، وعلى التقيد بالقوانين، وهو انعكاس لأخلاقنا وعاداتنا الأصيلة وحضارتنا.
واعتبر القانون مخالفة القيادة تحت تأثير المخدرات والمؤثرات العقلية تصرفا قاتلا يزيد من احتمال وقوع الحوادث المميتة بـ 17 مرة، ويمثل مخالفة خطيرة يفقد معها السائق تركيزه وقدرته على الاستجابة لعوامل الطريق، قبل أن يفقد التزامه وإنسانيته.
وشدد الناطق الإعلامي أن الأردن يفقد أكثر من 500 فرد سنوياً من أسرتنا الأردنية الواحدة جرّاء أخطاء يمكن تجاوزها بالالتزام بالقوانين.