ورشة عن إدراج ملف شجرة مهراس ضمن التراث الثقافي غير المادي

افتتحت وزيرة الثقافة هيفاء النجار، اليوم الثلاثاء، في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي، ورشة عمل عن مشروع إدراج ملف "شجرة مهراس: المعارف والمهارات والطقوس" على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو.

وأكدت النجار في كلمتها بافتتاح الورشة التي تنظمها مديرية التراث في الوزارة، أن وزارة الثقافة تعمل بتشاركية مع جميع الوزارات، فيما يتعلق بالصالح العام، ومصلحة الأردن الوطنية، كما أنها تعمل بتشاركية مع المزارعين وأصحاب المعاصر والحرفيين والجمعيات والجهات الحكومية المختلفة لترشيح ملف شجرة مهراس على قوائم التراث غير المادي لدى اليونسكو. ولفتت إلى أنه حينما نتحدث عن "المهراس" فنحن نتحدث عن كل ما يتعلق بتاريخ ومسيرة الأردن وصموده ورسالته الحضارية الى العالم، ونحن نعمل معا من أجل هذا الوطن ورفعته، منوهة بما يحمل هذا الملف من أبعاد اقتصادية واجتماعية وقيمية ووطنية بتجلياتها كافة، مشيرة إلى الصناعات الثقافية والابداعية التي تندرج ضمن هذا الملف وتتعلق بشجرة مهراس. وبينت دور ملف مشروع "شجرة مهراس" في التنمية المستدامة، إذ يعد لها دورا بارزا في تحقيق التنمية المستدامة لأبناء المجتمع من ملاكين ومزارعين وحرفيين حيث تدخل في الصناعات الحرفية المتنوعة، لافتة إلى المكانة الدينية لشجرة الزيتون. وأشارت في الورشة التي حضرها أمين عام وزارة الثقافة المهندس ماهر نفش، إلى الاستخدامات المتعددة لها ومنها أخشاب الزيتون في العديد من الصناعات الخشبية، كما أن بقايا الزيتون بعد العصر تستخدم من قبل العديد كوسيلة للتدفئة في الشتاء وزيتها يستخدم في العلاج ويدخل في الصناعات التجميلية المتنوعة من صناعات كريمات البشرة والصابون وغيره الكثير، منوهة بدور المرأة في الثقافة الاجتماعية والإنتاجية لشجرة مهراس وأهمية تسليط الضوء على هذا الدور ضمن الملف. وقالت إن الزيتون مصدر رزق للعديد من الأسر الأردنية في كل موسم حيث يعتبر مصدرا غذائيا رئيسا ويدخل في العديد من المنتجات الغذائية. وفي الورشة التي شارك فيها عدد من المعنيين ومديري مديرات في وزارة الزراعة وأكاديميين من كليات الزراعة في جامعات أردنية وعدد من ممثلي نقابات معنية وهيئات ثقافية ومؤسسات مجتمع مدني وخبراء في التراث وجمعية صناع الحرف التقليدية وأعضاء لجنة مهراس واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم اضافة الى مزارعين أشارت النجار الى أن ملف "المهراس" سيكون في قلب موضوعات المؤتمر المقبل لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي الذي سيعقد في الدوحة في الـ 25 من الشهر الحالي، منوهة بالتعاون والتشاركية بين وزارتي الثقافة والزراعة. وبينت وزيرة الثقافة أن الأردن يدخل في مرحلة تحول حقيقي على جميع المستويات، وأن هناك فهما حقيقيا لأهمية الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وبناء شراكات حقيقية مبنية على تعاون وتعاضد وتكاتف لما فيه مصلحة الوطن الاردني الذي قدم قصة صمود يباهي بها العالم. وتحدث رئيس اللجنة الزراعية في مجلس الأعيان الدكتور عاكف الزعبي عن أهمية هذا الملف وبعده الوطني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، مثمنا جهود وزارة الثقافة في طرح مشروع هذا الملف الى اليونسكو. ولفت وزير الزراعة الأسبق الخبير الزراعي الدكتور مصطفى قرنفلة إلى أن البحوث الأثرية الأخيرة في منطقة وادي رم كشفت أن شجرة المهراس كانت موجودة في المنطقة منذ آلاف السنين، مستعرضا أهمية هذا الملف ودوره الوطني بتسليط الضوء على أن شجرة الزيتون يعود أصلها إلى هذه المنطقة. وأكد أمين عام وزارة الزراعة المهندس محمد الحياري أهمية التشاركية في هذه الورشة التي يشارك فيها أطراف معنية متعددة، مشيرا إلى أن الأردن تحتل المرتبة 14 عالميا في إنتاج زيت الزيتون. وأشار إلى أن وزارة الزراعة تعمل بجهد كبير لتطوير قطاع أشجار الزيتون وإنتاج الزيت وإيلاء الاهتمام الكبير لشجرة المهراس كونه يعبر عن تراثنا وقيمنا الوطنية الأردنية والذي يمثل نافذة للأردن الى العالم، لافتا الى أهمية مشروع إدراج ملف "شجرة مهراس" بدوره، استعرض مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد تجربة المركز في البحوث والدراسات حول شجرة "مهراس" وأصولها وتاريخها وسبب تسميتها بهذا الاسم، مشيرا إلى مناطق وجودها في الأردن. وعن سبب اختيار اسم "المهراس" بدلاً من الزيتون الرومي، أوضح أن ذلك يعود إلى أن الموروث الثقافي، ولاسيما في عجلون، يميّز بين أحجام أشجار الزيتون حيث يُطلق اسم "عود" على الشجرة غير المعمّرة، واسم "القرعود" على شجرة الزيتون المعمّرة متوسطة الحجم، في حين أن اسم "المهراس" يطلق على الزيتونة المعمّرة كبيرة الحجم التي تحتاج لأذرع ثلاثة رجال لتطويقها، حيث يشترط البنك العالمي للجينات أن يتم منح أسماء محلية للجينوم الكامل أو رمز يميزها عن باقي المُدخلات. وبين الدكتور حداد أن دراسة بحثية قام بها المركز الوطني للبحوث الزراعية بالتعاون مع جامعتين أردنيتين كشفت أن التحاليل الجينية تؤكد مركزية نشوء الزيتون في الأردن عبر العصور. وقال إن المهراس يعتبر أصلاً عريقاً حافظ على كيانه عبر العصور، وأثبتت البصمة الوراثية له التنوع الوراثي الغني والفريد بين الطرز الوراثية للزيتون في حوض المتوسط، مع ميّزات جينية ذات دلالات مهمة لقدراته على التكيّف مع التغيرات المناخية والبيئات القاسية والحفاظ على نوعية زيت مميزة. ولفت إلى أن زيتون المهراس، في منطقة الميسر في بلدة الهاشمية التابعة لمحافظة عجلون، يُعتبر من أقدم السلالات الجينية للزيتون في مناطق حوض البحر المتوسط، حيث بيّنت تحاليل الخريطة الجينية للمهراس أنها الأقرب جينياً لتكون الأصل لزيتون إسبانيا وإيطاليا وقبرص والواقعة مع المهراس ضمن ذات المجموعة الوراثية، بحسب مُخرجات الدراسة. وتحدث المشاركون عن أهمية هذا الملف وأبعاده على المستويات كافة، لافتين إلى ضرورة الاهتمام بمختلف التفاصيل التي تتعلق به لا سيما دور المرأة في الثقافة الاجتماعية والاقتصادية في الإنتاج وإشراك جيل النشء وتوعيته حول أهمية شجر الزيتون وخصوصا "مهراس" وقيمتها المعنوية والتراثية والثقافية والإنتاجية من خلال برامج تشاركية مع وزارة التربية والتعليم، كما طرحوا عددا من الأفكار والمقترحات التي تسهم بنجاح الملف. يشار إلى أن لشجرة الزيتون مكانة اجتماعية وثقافية واقتصادية لدى معظم المجتمعات وهي جزء من التراث الثقافي غير المادي لأبناء المجتمع الأردني، وتُمثل في موسم القطاف والعصر مهرجانا ثقافيا يجتمع فيه الكبار والصغار ويتخلله أغان وأهازيج الأمهات والجدات وهجيني وحداء الآباء والأجداد وألعاب الأطفال. وقامت مديرية التراث بتضمين هذه الشجرة في قوائم الحصر الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي خلال عمليات المسح الميداني في مختلف محافظات المملكة منها مادبا والسلط والزرقاء الكرك. وتسعى وزارة الثقافة إلى إدراج شجرة الزيتون "مهراس" على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونيسكو وذلك نظراً لأهمية شجرة الزيتون الدينية والتاريخية، كما كانت على مر العصور، رمز السلام والحكمة والقوة والخصوبة والنقاء، مثلما تحظى هذه الشجرة بقيمة ذات بعد ديني.