أكد سفير الأردن لدى مصر والمندوب الدائم بجامعة الدول العربية أمجد العضايلة، عمق العلاقات الأردنية المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني.
وأشار العضايلة الى أن هذه العلاقات في تطوّرٍ متنامٍ وازدهارٍ مشهود، "وما كان لها ان تحقق هذا المستوى لولا توجيه ودعم القيادتين السياسيتين، وتشديدهما على ضرورة أن تبقى العلاقات الثنائية نموذجاً ناجحاً ومنتجاً في المنطقة العربية".
وقال العضايلة في مقابلة مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عشية انعقاد الدورة (31) للجنة العليا الاردنية المصرية المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين بعد غد الإثنين في عمان وبصفته عضوا باللجنة، إن عدد الزيارات المتبادلة بين القيادتين السياسيتين ومسؤولي البلدين الشقيقين والتي شهدتها السنة الماضية، يعكس الحرص المشترك على متابعة التنسيق وتبادل الرؤى والاستفادة من الخبرات والانتقال إلى مراحل التنفيذ العملي لكل ما يتفق عليه من برامج تنفيذية واتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم.
وكانت لاجتماعات الفنية التحضيرية للدورة (31) للجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة انطلقت في عمان اليوم السبت على المستوى الوزاري وتستمر غدا الأحد تمهيدا لاجتماعات اللجنة على مستوى رئيسي وزراء البلدين بعد غد الاثنين.
وأضاف العضايلة، إن ديمومة عقد اجتماعات اللجنة العليا بين الاردن ومصر منذ انطلاقها جعلت منها الأكثر عمراً لدرجة لم يتأثر انعقادها بأية ظروف ولم تشكّل أي عائق أمام الإرادة السياسية الحكومية في البلدين لعقد اجتماعات اللجنة، الأمر الذي يمثّل الرغبة والعمل الجاد لتطوير وتفعيل التعاون المشترك، وإحداث نقلة نوعية في مسيرته.
وأوضح أن هذه الدورة تأتي بعد تحضيرات استمرت خلال الفترة الماضية، توافقت فيها مسارات العمل المشترك والاتفاقيات ومذكرات العمل المدروسة التي تم توقيعها مع الحاجة للتطوير والأولويات الوطنية للبلدين ومساعي تحقيق التكامل بينهما وتأتي بعد نتائج سلسلة من الاجتماعات بين الأردن ومصر في مختلف القطاعات منذ التوقيع على محضر اجتماعات الدورة السابقة.
وأشار السفير العضايلة إلى أن أجندة اجتماعات الدورة الحالية (31) ستتضمن مباحثات بين الجانبين حول تعزيز التعاون في قطاعات الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والاستثمار، والمالية والجمارك، والنقل، والصحة والغذاء والدواء، الزراعة، والطاقة والثروة المعدنية، والسياحة والآثار، والاتصالات والاقتصاد الرقمي، الإدارة المحلية والأشغال العامة والإسكان، والثقافة، والموارد المائية والري والبيئة، والإعلام، والتدريب المهني والضمان الاجتماعي، والإدارة والخدمة المدنية، والأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية، والعدل والقضاء والشأن القنصلي وغيرها.
وبخصوص الاتفاقيات التي يجري التفاوض حولها على أجندة اللجنة ليتم توقيع ما يتم الاتفاق عليه في هذا الدورة، لفت إلى أنها تشمل مذكرات تفاهم وبرامج تعاون مشترك وبرامج تنفيذية ومشاريع اتفاق، تأتي في ظل التوافق بين البلدين والسعي إلى مراكمة الإنجاز في مجالات التعاون المشترك.
وأكد أن مخرجات عمل مثل هذه اللجان لا يقف عند حدود عدد مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي يتم توقيعها، بل إن متابعة تنفيذ المذكرات والاتفاقيات السابقة وتطويرها وبما يتواكب مع المستجدات في كل قطاع والتغلب على أية تحديات أو معيقات، ودراسة الأوجه الجديدة للتعاون والتبادل، تعتبر جزءاً جوهرياً ومهماً في عمل فرق العمل واللجان الفنية التحضيرية،
وأشار بهذا الخصوص الى أن الاتفاقيات بين الأردن ومصر تغطي غالبية المجالات، وأن ميزة الاستمرارية وعدم الانقطاع في دورات اللجنة الأردنية المصرية أنها تساهم بشكل كبير في استمرارية تطبيق المتفق عليه وتطويره وتعزيزه ببنود وملاحق جاءت نتيجة استشراف مسؤولي البلدين للمستجدات في قطاعات التعاون البيني.
وأكد العضايلة أهمية التعاون الأردني المصري على الصعيد الاقتصادي، مشيرا الى أن عجلة التعاون البيني على المستوى الثنائي لم تحد من مسيرتها التحديات التي تواجهها المنطقة أو تلك المتأتية من التأثّر بأزماتٍ عالمية لم تبرح الساحة الدولية منذ العام 2020، بل على العكس، حرص البلدان على استمرار عقد اجتماعات اللجنة العليا المشتركة ولجان المتابعة والتنسيق على مختلف المستويات والقطاعات، لوجود إيمان بأن التعاون والتكامل المبني على تبادل المزايا التنافسية أكثر فعالية في جهود الحد من تداعيات الأزمات.
وشدد على مبدأ التكامل القائم على التعاون، الذي يعتمده البلدان الشقيقان في مختلف القطاعات والمجالات المشتركة، إلى جانب الاستفادة من التجارب والنماذج الناجحة في البلدين.
وأشار إلى ما حققه الأردن ومصر في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي من نجاحاتٍ ومشاريع رائدةٍ ورافدةٍ للاقتصاد الوطني في كل منها، وما تتميزان به من كوادر بشرية مؤهلة وموقع جغرافي استراتيجي ورؤية اقتصادية وتجارية حديثة بنى عليها البلدان عناصر الشراكة والتبادل المنفعي، سواء في الإطار البيني الثنائي أو التكامل مع دول شقيقة، في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك.
ولفت العضايلة إلى أن الوثائق المقترحة والمدرجة على جدول أعمال اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة في دورتها الحالية تشمل قطاعات رسم السياسات الاقتصادية وتبادل الخبرات التخطيطية، والتعاون الفني في التدريب المهني، ومجال التأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي، والتعاون التربوي المشترك، والأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية، والتعاون الصحفي والإعلامي، والطيران المدني، وحماية البيئة والنقل البري والبحري، والصحة، والعمل والقوى العاملة والاستثمار والمناطق الحرة.
وأكد أهمية دور القطاع الخاص في البلدين في ترجمة وتطبيق المتفق عليه وتطوير آليات التعاون وتعزيزها، معتبرا أن هذا الدور ركناً أساسا في رفد القطاعات الاقتصادية: الاستثمار، التبادل التجاري والنقل بمختلف أشكاله) بإسهامات وجهود ترفع من مستويات التبادل والفائدة المشتركة والحد من أي معيقات يواجهها رجال الأعمال والتجار والمستوردون والمصدرون من وإلى مصر والأردن.
وعبّر عن ارتياحه لمستويات الشراكة والتبادل التي تجمع الأردن ومصر، والتي بنيت على أسسٍ من العلاقات المتينة والراسخة والتفاهم المشترك والرؤية التشاركية عززتها اتفاقيات تعاون ومذكرات وبرامج عمل تنفيذية، لافتاً إلى أن قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والتجارة والزراعة تشهد على التقدّم النوعي في العلاقات بين البلدين، وأن هناك خطط مستقبلية لدى الوزارات والمؤسسات المعنية في مصر والأردن لإدامة وتعزيز التقدّم الحاصل في عديد مجالات التعاون المشترك.
كما أكد الرغبة الجادة والسعي المتواصل من مسؤولي حكومتي البلدين لتحقيق مستويات مأمولة من التبادل التجاري، لا سيما وأن البيانات الرسمية تشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات والواردات والتبادل التجاري بين الأردن ومصر بشكل متزايد مقارنة بالأعوام السابقة.
وأوضح السفير العضايلة أن حجم الصادرات الأردنية إلى مصر، خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، بلغ ما قيمته (46.1) مليون دولار، فيما بلغت الواردات من مصر نحو (229.3) مليون دولار خلال نفس الفترة، وفي العام الماضي 2022 ارتفعت قيمة الصادرات الأردنية إلى مصر بنسبة 25.9 % وصولا إلى ما قيمته (225.8) مليون دولار مقارنة مع العام 2021، فيما بلغت الواردات من مصر ذات العام ما قيمته (784.2) مليون دولار، بارتفاع بلغ (9.8%) مقارنة مع العام 2021.
وبخصوص الاستثمارات المصرية في الأردن، ووفقا لوزارة الاستثمار، فقد بلغ الحجم الكلي لها بحدود مليار دولار، تركّزت في العديد من المجالات أبرزها المالية، والتجارة، وقطاع الخدمات والسياحة.
كما لفت إلى مساهمة فاعلة للعمالة المصرية الوافدة المتواجدة في الأردن ودورها في تعزيز الإنتاجية في قطاعات حيوية، منها الإنشاءات والزراعة والتعدين، حيث أن التقديرات المصرية تشير إلى أن عدد الجالية المصرية في الأردن نحو 900 ألف.
وتطرّق العضايلة إلى التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين، حيث يبلغ عدد الطلبة الأردنيين الدارسين في الجامعات المصرية نحو 4500 طالب وطالبة، مقابل عدد مماثل للطلبة المصريين الدراسين في الجامعات الأردنية، غالبيتهم في مرحلة البكالوريوس وعدد منهم في مراحل الدراسات العليا، معتبرا ذلك دليلاً على السمعة الأكاديمية والموثوقية التي تتمتع بها المؤسسات الأكاديمية في الأردن ومصر.
وحول جهود البلدين في خدمة التعاون العربي وترسيخه أشار العضايلة إلى أن نجاح نموذج التكامل الأردني المصري وإيمان قيادتي وحكومتي البلدين كان وراء تعزيز التعاون مع العراق الشقيق من خلال التكامل الثلاثي، افتاً إلى التقدم الحاصل في المشاريع التي تم وضعها ضمن الرؤية التكاملية المشتركة بين البلدان الشقيقة الثلاثة، خصوصاً في قطاعات الطاقة والنقل والصناعة.
وأكد أن هذا الإطار الثلاثي يستهدف دعم العراق واستقراره وجهود تحقيق الازدهار المبذولة فيه، مشيرا الى الإرادة السياسية القوية في البلدان الثلاثة لخدمة مصالح الشعوب الثلاثة على أرضية راسخة من القواسم المشتركة والمزايا التنافسية والتكامل في مجالات البنية التحتية والموارد الطبيعية والكوادر البشرية.
كما دفع هذا النموذج التكاملي الثلاثي، وفقاً للسفير العضايلة، إلى التوسّع بظهور نماذج تكامل وتعاون عربي متعدد الأطراف، منها اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، والتي تضم مصر والإمارات والأردن والبحرين، والتي استضافت عمان والقاهرة اجتماعات منتجة لها، تمخض عنها مشاريع واتفاقيات تعاون في مختلف المجالات المشتركة، وصلت مستوى متقدما بعد حصول العديد من المشروعات على الموافقات وإنهاء الإجراءات اللازمة لبدء تنفيذها.
من جانب آخر أعرب العضايلة عن الاعتزاز بالتنسيق والتشاور والتعاون الأردني المصري في الجوانب السياسية فيما يتعلق بالقضايا العربية عامة والقضية الفلسطينية خصوصا، لافتا في هذا الاتجاه إلى أن القضية الفلسطينية تعتبر قاسماً مشتركاً وثابتاً رئيساً في السياسة الخارجية لكل من الأردن ومصر، وأن حجم ومستوى التعاون والتنسيق الأردني المصري الثنائي، والثلاثي مع الأشقاء في فلسطين والتعاون في إطار إقليمي ودولي أوسع، يدلل على ما يبذله البلدان لخدمة القضية الفلسطينية والتخفيف من التحديات التي يواجهها الأشقاء في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، والسعي للحفاظ على حقوقهم المشروعة وبذل كل ما من شأنه تحقيق السلام العادل والشامل وفقاً للثوابت العربية ومقررات الشرعية الدولية.