كأنه بوفاة دولة مضر بدران وحلول ذكرى وفاة المشير حابس المجالي ال ٢٢ .. يراد منا التوقف بذاكرتنا عند محطات وطنية جسدت المعنى الحقيقي لمفهوم رجالات دولة .. كانوا اهلا لتولي المناصب الحكومية والرسمية .. قبل ان نشهد غزوة تقزيم المناصب التي نعيشها في هذه الايام . فشتان ما بين رجل دولة وما بين قزم …!.
من جهة اخرى .. ورغم انني عام ١٩٨٩ عندما استأنف الاردن مسيرته النيابية وكان وقتها دولة المرحوم مضر بدران رئيسا للوزراء ، لم اكن في مستوى يسمح لي ان اوجه فيه انتقادات واطلق احكاما سلبية لشخصية بوزن دولة ابو عماد .. الا ان اكتشفت بان ما تولد لدي من انطباع او موقف سلبي حينها حيال شخص دولته ، كان بتأثير من مواقف الاخرين السلبية منه وافكارهم وارائهم .. حتى اذا ما حضرت وتابعت رده القوي جدا على كلمات نواب المجلس الحادي عشر ( ١٩٨٩ – ١٩٩٣ ) في جلسة الثقة ومناقشة البيان الوزاري لحكومته .. تغير موقفي من الرجل واكتشفت اننا امام قامة وطنية ورجل دولة مميز ومن طراز رفيع .. امكنه كسب الشارع الاردني الى صفه اعتمادا على ذاته وحضوره القوي والفاعل والمؤثر اثناء رده التاريخي على كلمات النواب .. وجعل حكومته تحوز على ثقة واحد من اقوى المجالس النيابية في تاريخ البرلمانات الاردنية بفعل قوة شخصيته وخطابه وحضوره ، وتحديدا عند دفاعه ومواجهته للاتهامات التي اطلقها بعض النواب له وقتها .. فكان ان اعتمد على نفسه كرجل دولة في كسب جولة الثقة النيابية بعد نقاشات نارية وتاريخية ، بحيث لم يتم تفصيل مجلس نواب بطريقة تسمح له بتخطي حاجز الثقة بسهولة ، كما هو حال معظم المجالس النيابية التي يتم تشكيلها بعد مجلس النواب القوي ١٩٨٩ .. حتى اصبحنا نشاهد حكومات ضعيفة تحصل على ثقة مجالس نيابية مفصلة تفصيلا وبنسب تصويت مريحة .. الى ان دخلنا عهد الحكومات والبرلمانات الضعيفة التي لا يثق بها المواطن وبشكل غير مسبوق