دقيقة اخبار - مندوباً عن جلالة الملك عبدالله الثاني، رعى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، اليوم الجمعة، فعاليات المجلس العلمي الهاشمي الحادي عشر بعد المئة بعنوان “شيخ الإسلام النووي” في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول، ضمن المجالس العلمية الهاشمية التي تعقدها وزارة الأوقاف سنوياً خلال شهر رمضان المبارك بعنوان “وقفيات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للكراسي العلميّة”.
وتحدث في المجلس العلمي الهاشمي: الوزير السابق في جمهورية غينيا وأمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدكتور قطب مصطفى سانو، وتناول الحديث عن شيخ الإسلام الإمام النووي المحدّث الفقيه الورع محقق المذهب الشافعي وكتابه (منهاج الطالبين)، والمفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد أحمد حسين، وتناول الحديث عن ترجمة شيخ الإسلام والتركيز على آثاره العلمية وخاصة في الحديث الشريف وعلومه والفقه المقارن، وأستاذ كرسي الإمام النووي الدكتور أحمد شحادة الزعبي، وتحدّث عن مقاصد الوقفية الملكية وأهدافها النبيلة لتحقيق الجوانب العلمية والتربوية في حياة الإمام النووي.
وتحدّث الدكتور سانو عن أهم لقبين للإِمام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزام، النووي نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حَوْران في سورية، شيخ المذاهب وكبير الفقهاء في زمانه، حيث تطرّق إلى لقب “شيخ الإسلام والمسلمين”، وطرح مثالين على جدارته بهذا اللقب: عندما أمر الملك بيبرس بوضع اليد على بساتين الشام واعتبارها ملكاً للدولة، وفي هذا ظلم للناس، فوجّه الإمام النووي كتابه التاريخي إلى بيبرس بعدم الاستماع إلى الذين زيّنوا له الباطل والاستيلاء على أملاك الغير، فغضب الملك بيبرس عندما قرأ كتابه وأمر بقطع الرواتب ونزع المناصب عنه وقد تفاجأ عندما أخبروه أن ليس له راتباً ولا منصباً فاحبه وقربه منه.
أما المثال الثاني، فهو عندما ألزم الملك بيبرس العلماء إصدار فتوى تبيح أخذ المال من الرعية ليستنصر بها على قتال التتار، فأصبح يقتل العلماء المعارضين حتى وصل عند الإمام النووي الذي حاوره بشدة حتى رد عليه الملك بيبرس : أُخرج من بلدي (أي دمشق)، فخرج إلى منطقة نوى، فقيل للملك لماذا لم تقتله، فقال : “كلما أردت قتله كنت أرى على عاتقه سبعين يريدون افتراسي فأمتنع مِن ذلك”.
أما لقب عمدة الفقهاء والمحدّثين، فقد جاء هذا اللقب كما يشير الدكتور سانو مِن مؤلفاته العظيمة الجليلة التي كُتب لها الخلود وديمومة النهل منها والاستزادة من كنوزها واقتناعها على مرِّ العصور وكرِّ الدهور.
من جانبه، تطرق مفتي القدس وفلسطين الشيخ محمد أحمد حسين، إلى نشأته وآثاره العلمية خاصة في الحديث الشريف، وقال إن الإمام النووي حفظ القرآن منذ صغره وكان مُعرضاً عن اللهو واللعب كثير الذكر والصوم والنُصح آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر حريصاً على مراقبة العلم ودراسة أقوال العلماء.
وتحدّث عن أقوال العلماء في الإمام النووي، منها قول الحافظ الذهبي الذي قال: الشيخ الإمام القدوة، الحافظ، الزاهد العابد، الفقيه المجتهد، الرباني، شيخ الإسلام، حسنة الأيّام، محيي الدين، صاحب التصانيف التي سارت بها الركبان، واشتهرت بأقاصي البلدان، إلى أن قال: لازم الاشتغال والتصنيف، محتسبًا في ذلك، مبتغيًا وجه الله تعالى، مع التعبد، والصوم والذكر وحفظ الجوارح، وذمّ النفس، والصبر على العيش الخشن، ملازمًا تاماً للعلم، ومواظبًا لدقائق العمل، مزكيًا النفس من شوائب الهوى، عارفًا بالحديث، قائمًا على أكثر فنونه، عارفًا رجاله، وتصانيفه .
كما تطرق إلى قول ابن العطار بالإمام النووي: متدفقًا بالعلم حافظًا للحديث صحيحه وضعيفه ومعانيه، حافظًا لمذاهب الإمام الشافعي محققًا لكتاب الرافعي وله شيوخ وتلاميذ مثل أبا الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي، وأبا إسماعيل بن أبي اليسر، وأبا العباس بن عبد الدائم، وأبا البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل البكري، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، وغيرهم.
كما كان للإمام النووي تلاميذ كثر، قال ابن العطار: “وسمع منه خلق كثير، من العلماء والحفاظ والصدور الرؤساء، وتخرج به خلق كثير من الفقهاء، وسار علمُه وفتاويه في الآفاق، ووقع على دينه وعلمه وزهده وورعه ومعرفته وكرامته الوِفاق”
وذكر الشيخ حسين خطيب المسجد الأقصى بعض من مؤلفات الإمام النووي، كـ المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، روضة الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه)، منهاج الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه)، رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين (في الحديث)، الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار، التبيان في آداب حملة القرآن، التحرير في ألفاظ التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي (في اللغة)، العمدة في تصحيح التنبيه.
وقال أستاذ كرسي الإمام النووي الدكتور أحمد شحادة الزعبي، إن مقاصد الوقفية الملكية لها آثارها العظيمة في التأكيد على أهمية الوقف العملي وتشجيع الناس على الوقف واستعادة دور المسجد الريادي والإسهام في نشر مبادئ الإسلام الناصعة وتسليط الضوء على ما سطّره العلماء مِن أحكام ولفت أنظار الباحثين وطلبة العلم إلى التراث العلمي.
وأضاف، أن التاريخ الإسلامي حافلٌ بالوقف في شتى المجالات، إلا أن أنفع صور الوقف وأعظمها أثرًا أعمقها غورًا في حياة الأمة، هو الوقف العلمي الذي بفضله أنشئت المدارس العلمية وتخرّج تلاميذ العلم والفقه وانتشرت العلوم الإسلامية، مشيراً إلى أن الإمام النووي تخرّج من وقفيات العلم .
وأضاف، أن جلالة الملك عبدالله الثاني – حفظه الله يسير على نهج آبائه وأجداده من آل البيت الأطهار في إنشاء الوقفيات العلمية، فأنشأ جلالته الوقفيات والكراسي العلمية لعدد من أعظم علماء الأمة على مدار تاريخها، منها: الكرسي المكتمل لدراسة فكر ومؤلفات الأئمة حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، وفخر الدين الرازي، والحافظ جلال الدين السيوطي، وتوّج جلالته وقفياته بإنشاء وقفية الكرسي المكتمل لدراسة فكر ومؤلفات الإمام النووي في مسجد السلط الكبير وجامعة العلوم الإسلامية.
وتحظى هذه الوقفيات برعاية ملكية سامية واهتمام بالغ من جلالته وبإشراف سمو الأمير غازي بن محمد، وقال: أحسن جلالة الملك في اختيار الوقف العلمي من بين صور الوقف، وأحسن في روعة انتقائه واختياره لثلة من العلماء الأجلاء الذي اجتمعت الأمة على علو ورسوخ علمهم ومكانتهم، وأحسن جلالته في اختيار الإمام النووي للوقفية الرابعة وهو إمام العلماء وصاحب التواليف التي أجمعت الأمة على قبولها.
وأدار المجلس العلمي الهاشمي عميد كلية الشريعة في جامعة مؤتة الأستاذ الدكتور محمود المعايطة، وحضره نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، وسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، وقاضي القضاة الشيخ عبدالحافظ الربطة، وإمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد الخلايلة، وقضاة الشرع الشريف، وعدد من ضباط وضباط صف القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، وعدد من الشخصيات السياسية، وأئمة وعلماء وممثلات عن القطاع النسائي