يوظف الأردن كل إمكانياته لتنمية حجم الصادرات الوطنية من السلع والخدمات وتعزيز تنافسية الصناعات المحلية، حيث شهدت الصادرات الوطنية نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي 2022.
ويسعى الأردن من خلال زيادة الصادرات إلى تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، وتخفيض العجز التجاري، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاحتياطات الأجنبية في المملكة، والمساهمة في تحسين البيئة الاستثمارية لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأثبت الاقتصاد الأردني خلال الفترة الماضية قدرته على التأقلم مع المعطيات الاقتصادية المختلفة، حيث تمكن من تجاوز الكثير من الصعاب والتحديات التي عصفت بالاقتصاد العالمي.
ويمتلك العديد من الفرص والإمكانيات التي تتيح له الحفاظ على زخم نمو الصادرات، من خلال تسليط الضوء على اتفاقيات التجارة الحرة التي تتيح للمنتج الأردني الوصول إلى الأسواق العالمية ضمن شروط تفضيلية، كما أن رجال الأعمال الأردنيين لديهم القدرة على تطوير أعمالهم بما يتواءم مع التغيرات التي يشهدها الاقتصادي العالمي.
ويزخر الأردن بالعديد من الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، تتوزع على الصناعات الغذائية والدوائية وصناعة المحيكات، بالإضافة إلى الصناعات الكيماوية والهندسية والصناعات التعدينية والزراعة والأمن الغذائي، والخدمات اللوجستية.
وتحتاج الصادرات الوطنية اليوم لتعزيز نموها، إلى رؤية ومنهجية تساهم في استمرار نمو الصادرات عبر تخفيض كلفة المنتجات الأردنية وفتح قنوات تسويقية جديدة وتقديم البرامج التحفيزية للصادرات وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وإقامة معارض خارجية للترويج للصناعات الوطنية وتعزيز دور السفارات في الخارج.
ويسعى الأردن من خلال إطلاق مبادرة رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي ضمن إطار محرك الصناعات عالية القيمة، إلى تنفيذ الاستراتيجيات المستقبلية للنهوض بالاقتصاد الصناعي وتحويل المملكة إلى مركز صناعي رئيسي في المنطقة ومركز لتصدير المنتجات، كما يتم إيلاء اهتمام خاص لبناء سلاسل القيمة المتكاملة وحفز الإنتاجية والابتكار وتحقيق التآزر عبر المحفظة الصناعية في المملكة من خلال ربط القطاعات بسلاسة من حيث العرض والمعرفة وتدفقات السوق.
ومن ضمن مستهدفات الاقتصاد الكلي للبرنامج حتى عام 2025، زيادة حجم الصادرات الوطنية تدريجيا لتصل إلى 9713 مليون دينار.
ويحدد البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي لمحرك الصناعات عالية القيمة 63 مبادرة و115 أولوية بكلفة إجمالية تصل إلى 245 مليون دينار، للأعوام 2023 -2025.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أبو حمور، إن الأردن شهد في العام الماضي، نمواً واضحاً لقيمة الصادرات، مبينا أن هذا الزخم من النمو يؤكد قدرة الاقتصاد الأردني على التأقلم مع المعطيات المختلفة وتجاوز العديد من التحديات التي عصفت بالاقتصاد العالمي خلال السنة الماضية.
وأضاف، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن من أهم السلع التي أسهمت في ارتفاع الصادرات هي خامات الفوسفات والبوتاس، وصادرات المنتجات الكيماوية والأسمدة، إضافة إلى الألبسة وتوابعها والمواد الأخرى.
وأكد أبو حمور، أهمية الحفاظ على نمو الصادرات وانتهاز الفرص والإمكانيات المتاحة، خاصة في هذه المرحلة التي تم خلالها إطلاق المبادرة، في الحفاظ على هذا الزخم، فالصادرات تعد محفزاً أساسياً لتوليد فرص العمل ورفع نسبة النمو الاقتصادي، إضافة إلى دورها في تعزيز احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية وتحسين البيئة الاستثمارية، ما يساهم في جذب وتحفيز الاستثمارات.
وأشار إلى أن المعطيات الاقتصادية التي شهدها العالم خلال العام الماضي، ساهمت في رفع قيمة الصادرات وخاصة خامات البوتاس والفوسفات.
وأضاف، أن تحفيز الصادرات يتطلب توفر رؤية منهجية تساهم في استمرار نمو الصادرات عبر تخفيض كلفة المنتجات الأردنية ومساعدتها على ولوج أسواق جديدة، مع الاستمرار في تحسين البنية اللوجستية التي تسمح وتسهل انسياب الصادرات الأردنية وتحسين أداء المعابر الحدودية، وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.
ودعا أبو حمور إلى ضرورة تقديم التسهيلات للشركات المصدرة من خلال المساعدة التقنية وخطوط ائتمان الصادرات، ومساعدتها على المشاركة في المعارض الدولية لاكتساب الخبرات والتعريف بالمنتجات الأردنية وتوسيع نطاق الأسواق المتاحة للتصدير.
ونوه إلى أن الأردن لديه الفرص والإمكانيات، التي تتيح له الحفاظ على زخم نمو الصادرات، بما في ذلك اتفاقيات التجارة الحرة التي تمنح المنتج الأردني فرصة دخول الأسواق العالمية بشروط تفضيلية، كما أن رجال الأعمال الأردنيين حريصون على تطوير أعمالهم، بما يتواءم مع التغيرات التي تشهدها الأسواق العالمية.
وأضاف، أن المملكة تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي في منطقة مضطربة، ما يؤهلها لتشكل بوابة عبور إلى الدول المجاورة ومركزاً موثوقاً وآمناً للاستثمارات، لافتا إلى ضرورة العمل والسعي لتحفيز روح المبادرة والابتكار للاستفادة من الفرص المتاحة وخلق فرص جديدة لا تساعد على نمو الصادرات فحسب، وإنما تساهم في رفع نسب النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل وتحسين حياة المواطنين.
بدوره، قال عضو غرفة صناعة الأردن، المهندس موسى الساكت، إن ما أسهم في نمو الصادرات خلال العام الماضي، قطاع التعدين إضافة إلى سعر مادة الفوسفات والبوتاس التي أظهرت نموا في أرقام الصادرات، مبينا أن الناتج الإجمالي للإنتاج الصناعي لم يزدد أكثر من 4-7 بالمئة، وهذا يدل على أنه لم يرتفع خلال العام الماضي إنما ارتفعت الصادرات كأرقام ومبالغ.
وأضاف، أن هناك قطاعات أخرى شهدت صادراتها ارتفاعا كأرقام حقيقية، جاءت نتيجة ارتفاع معدلات التضخم عالميا.
وأكد الساكت، ضرورة التركيز على كلف الإنتاج والعمل على إيجاد أسواق جديدة، لكي تبقى الصادرات في الطليعة وتشهد المزيد من النمو، لافتا إلى أن جل الصادرات في العام الماضي، تركزت على 3-5 أسواق كحد أقصى.
وطالب الساكت بضرورة تقديم الدعم المطلوب والعودة إلى حوافز الصادرات، حيث أن مختلف دول العالم تعمل على ما يسمى "بحوافز الصادرات"، مؤكدا أن الصادرات تعود بالمنفعة المباشرة على الاقتصاد ومعدلات النمو وتشغيل الأيدي العاملة، حيث أن كل مليار دولار من الصادرات يوفر قرابة 80 ألف فرصة عمل، لهذا السبب تسعى الدول إلى تقديم الدعم والتحفيز للصادرات.
أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية الدكتور رعد التل، أوضح أن الصادرات في العادة تسهم في زيادة تراكم الرأسمال في أي اقتصاد، مبينا أنه يعد محركا أساسيا للإنتاج، إضافة إلى عنصر العمل وهذا يعني أنه "كلما تحسنت الصادرات زاد التراكم الرأسمالي في الاقتصاد الأردني".
وبين أن زيادة التراكم الرأسمالي يسهم في زيادة قدرة المشروعات على التوسع أو إنشاء المزيد من المشروعات الاستثمارية بجميع أشكالها، سواء الصناعية أوالتجارية وغيرها، لافتا إلى أن ذلك ينعكس إيجابا على أي اقتصاد من خلال زيادة فرص العمل وبالتالي تقليل نسب البطالة.
وقال التل، إن الصادرات الأردنية شهدت تحسنا ملحوظا خلال العام الماضي خاصة في قطاع التعدين والفوسفات والبوتاس، إضافة للقطاعات الأخرى التي شهدت تحركا إيجابياً.
وأكد أن تعزيز الصادرات خاصة الصناعية منها، يكون من خلال إعادة النظر إلى كلف مدخلات العملية الإنتاجية، من حيث كلف التمويل والطاقة والنقل ، مبينا أن كلف الإنتاج مرتفعة في الأردن، وأن زيادتها تنعكس على الأسعار، ما سيؤثر على قدرة وتنافسية الصناعة بكل أشكالها.