النقد الدولي يشيد بدور الأردن في تحديث الإدارة الضريبية
توقعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من 5.4% عام 2022 إلى 3,2% في العام الحالي، قبل أن يرتفع إلى 3.5% في عام 2024.
وقالت الأحد، خلال المنتدى السابع للمالية العامة في الدول العربية المنعقد في دبي، إن تخفيض الإنتاج في البلدان المصدرة للنفط، قد يؤدي وفق اتفاقية أوبك إلى تراجع إيرادات النفط الكلية، فيما ستتواصل التحديات في البلدان المستوردة للنفط.
وأضافت أن "الدين العام يمثل مصدر قلق كبير، حيث تواجه عدة اقتصادات في المنطقة ارتفاعا في نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي - التي تقارب 90% في بعض الاقتصادات".
"للعام الرابع على التوالي، يتوقع أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10%؛ وهو ما يزيد على المتوسط العالمي"، وفق غورغييفا، التي أشارت إلى أنه في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات منخفضة الدخل في المنطقة، يعكس ذلك التداعيات الممتدة لارتفاع أسعار الغذاء، وانخفاض أسعار الصرف في بعض الحالات.
وتابعت: "من المتوقع أن يتراجع التضخم تدريجيا مع استقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجو من تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، وأيضا استمرار بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم".
ولفتت النظر إلى عدة مخاطر تستدعي القلق في المنطقة أيضا. موضحة أن "الحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث المناخية قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر ويضاف إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب، مما يضع المنطقة أمام خطر هائل يهدد الاستقرار الاجتماعي، كذلك يمكن أن تؤدي زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، بل ونقص التمويل في بعض الحالات".
"من شأن تأخر الإصلاحات المحلية الملحة أن يفرض عبئا على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية"، وفق مديرة الصندوق، مضيفة أنه من المتوقع "أن نشهد عاما صعبا آخر، ولكن هناك أسبابا للتفاؤل ولا تخلو جعبة الصندوق من الحلول لجعله عاما أفضل".
وألقت غورغييفا الضوء على ثلاثة مبادئ يمكن للبلدان الاسترشاد بها في توظيف سياسات المالية العامة في بناء الصلابة، هي "بناء الصلابة من خلال سياسات المالية العامة، التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ، وتعزيز الإيرادات الضريبية".
وعن تعزيز الإيرادات الضريبية، قالت إن الاستثمار في مستقبل أكثر صلابة مرهون بمواصلة تعزيز سياسات الضرائب والإدارة الضريبية، موضحة أن بلدان عديدة في المنطقة أحرزت تقدما كبيرا في تعزيز قدراتها الضريبية.
- إشادة بدور الأردن -
واستدركت قائلة: "مع ذلك، فإن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي، ما عدا الإيرادات المرتبطة بالهيدروكربونات، لا يزال 11% تقريبا؛ أي أقل من نصف الحصيلة الممكنة، مضيفة أنه "يمكن زيادة نسبة الـ 11% من خلال تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية المفتقرة إلى الكفاءة".
وأشادت بدور الأردن في تحديث الإدارة الضريبية، قائلة إن "العامل الأساسي لزيادة الإيرادات هو تحديث الإدارة الضريبية، كما يمكن أن يساعد استخدام الأدوات الرقمية في هذا الصدد. وهذا ما قام به الأردن بالفعل كما اتخذت وزارة المالية الفلسطينية إجراءات مماثلة".
وأوضحت أنه من المتوقع أن تسهم مثل هذه الإجراءات في زيادة الإيرادات من خلال تحسين الامتثال كما يمكن أن يساعد الصندوق من خلال برامج تنمية القدرات في تصميم هذه الإجراءات وتنفيذها.
وعن بناء الصلابة من خلال السياسات المالية العامة، قالت إنه "يتمثل في وضع إطار قوي لإدارة سياسة المالية العامة والتعامل مع المخاطر المحيطة بها في عالم معرض للصدمات ويكتنفه عدم اليقين".
ودعت الحكومة إلى إدارة العديد من المخاطر التي تهدد مالياتها العامة، بما في ذلك الناجمة عن الضمانات العامة وخسائر الشركات المملوكة للدولة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الدين وتخفيضات حادة في النفقات الضرورية.
وعن التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ، قالت إنه "من شمال إفريقيا إلى آسيا الوسطى تبلغ مستويات الاحترار في المنطقة ضعف معدلها في باقي أنحاء العالم"، داعية إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل مكان".
وأشارت غورغييفا إلى أن حكومات دول المنطقة أعلنت عن احتياجات تمويلية متعددة السنوات بقيمة تتجاوز 750 مليار دولار لاتخاذ هذه التدابير، موضحة أن تلبية هذه الاحتياجات تعتمد على توفير بيئة مواتية للتمويل المناخي الخاص من خلال السياسات والحلول المالية السليمة.
وأضافت أن الصندوق قدّم ما يقرب من 20 مليار دولار في صورة دعم مالي لبلدانه الأعضاء في المنطقة منذ بداية جائحة كورونا، فيما تلقى العالم العربي أكثر من 37 مليار دولار وهو جزء من عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة الأكبر في تاريخ الصندوق عام 2021، والتي بلغت قيمتها 650 مليار دولار.