عقد منتدى الفكر العربي، لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، أداره وحاضر فيه وزير الثقافة الأسبق وعضو المنتدى الأستاذ الدكتور صلاح جرار حول "الثقافة العربية في مواجهة التحديات المستجدة"، وشارك في هذا اللقاء القائم بأعمال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الأستاذ كايد هاشم بكلمة تقديمية، كما شارك فيه كلّ من أستاذة اللغة العربية في جامعة الشارقة بالإمارات الأكاديمية التونسية الدكتورة ليلى العبيدي، والكاتبة والأكاديمية في جامعة السلطان قابوس في عُمان الدكتورة عزيزة الطائي، ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ورئيس هيئة المخطوطات الإسلامية في مصر الدكتور أيمن فؤاد السيد، والوزير الأسبق وعضو المنتدى الدكتور إبراهيم بدران، ومدير مديرية ثقافة محافظة الطفيلة الأستاذ الدكتور سالم الفقير، وأستاذ التاريخ في جامعة اليرموك الدكتور رياض ياسين، وحضر اللقاء عدد من الأكاديمين والمثقفين والمهتمين.
أوضَح المُحاضر
د.صلاح جرار أن للثقافة والمثقفين دوراً مهماً في مواجهة الانقسامات الداخلية في المجتمعات العربية ومواجهة التحدّيات الخارجية التي تواجه الأمة العربية، مشيراً إلى عدد من الأدوات والوسائل التي يستخدمها المثقف في أداء مهماته ودوره إزاء ما يشهده العالم العربي من تحديات وتغيرات سريعة.
وأضاف
د.صلاح جرار أن المثقفين هم الحراس الحقيقيون على ثوابت الأمة وعقيدتها وفكرها وقيمها وتراثها ومقدساتها، وأن الثقافة من أهم مقومات المنعة والصمود والمقاومة والثبات في الأمّة، وأنها الجدار الأخير والأقوى والأكثر حصانة أمام الصعوبات التي تواجه الأمّة.
وبدورهم ناقش المتداخلون دور الثقافة العربية في مواجهة التحديات وقضايا الأمة العربية، ودور الأدب العربي في تشكيل الوجدان الجمعي، وأهمية الثقافة التاريخية والقانونية والسياسية والتزامها بقضايا الأمة العربية، وموقف المثقفين العرب إزاء ما يجري من تغيرات سريعة وتحديات في المنطقة وسبل التصدي لها وطرق محاربتها، وأهمية تعزيز دور الصالونات الثقافية والمنتديات والتواصل بين المثقفين والقاعدة الشعبية.
التفاصيل:
أوضَح المُحاضر
د.صلاح جرار أن المجتمع هو الذي منح المثقفين هذه صفة، وأن الدور الأساسي للمثقف يكمن في خدمة قضايا المجتمع المختلفة، وخصوصاً في أوقات النزاعات والانقسامات التي تصيب المجتمع أحياناً نتيجة عوامل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، مبيناً أن أبناء المجتمع بعمومه ينتظرون من أصحاب الرأي والفكر والمعرفة والتجربة من أهل الثقافة أن يقدموا خلاصات تجاربهم ومعارفهم وأفكارهم لحل الأزمات والصراعات.
وأضاف
د.صلاح جرار أن للمثقف أدوات رئيسية لها تأثير عميق وبعيد المدى كالكلمة والريشة والإبداع، إلا أن الحوار والإقناع من أهم الأدوات وأكثرها تأثيراً وفاعلية في مواجهته للنزاعات والانقسامات الداخلية التي تصيب المجتمع أو الأمّة، لكونه وسيلة لبناء الثقة والاحترام بين الناس أو بين الأطراف المتصارعة، وإن دور المثقف في استخدامه يتمثل في إقناع الناس باعتماد الحوار لحل النزاعات، ودعوة الأطراف المتنازعة إلى الالتفاف حول الجوامع المشتركة لأبناء المجتمع، واتخاذ ثوابت المجتمع الراسخة أساساً لجمع الناس ومعياراً للحكم عليهم.
وأشار
د.صلاح جرار إلى أهمية ودور التثقيف التاريخي والسياسي والقانوني في ترسيخ قيم العدالة وبناء الوعي وبناء القدرة على استشراف المستقبل، مؤكداً ضرورة توظيف الموروث الثقافي العربي بمجالاته المختلفة التاريخية والأدبية والفقهية والفلسفية في التصدي للأخطار والتحديات التي تواجه الأمّة، وإعادة التلاحم والتماسك ونبذ الخلافات.
وقال
د.صلاح جرار: إن للمثقف دوراً مهماً في مواجهة التحديات الخارجية للمجتمع، وذلك من خلال الحفاظ على هوية الأمة، وتنبيه الأمة وإرشادها إلى مكامن قوتّها، وإجراء الدراسات والأبحاث التي تكشف حقيقة العدو الخارجي ووسائل التغلب عليه ومواطن ضعفه وقوّته، والعمل على تعزيز دوره في الدفاع عن ثوابت الأمة ومقدراتها ومقدساتها، وقراءة التجارب التاريخية للأمة وللأمم الأخرى وتوظيفها في خدمة الواقع واستخلاص العبر والدروس.
وبدوره تناول الأستاذ
كايد هاشم في كلمته حال الثقافة في الوطن العربي اليوم، مشيراً إلى أنها بحاجة إلى عملية تفاكر وإنماء وتطوير شاملة لإعادة تنشيط ذاكرة الأمة العربية الثقافية والفكرية، والاستفادة من عناصر القوة في المرتكزات الثقافية العربية، وتعزيز التوجهات والرؤى التي يجتمع عليها العقل والفكر العربي الساعي إلى مواجهة الأزمات والتحديات التي تعصف بالمنطقة والتواصل المثمر مع المحيط الإنساني.
وبينت
د.ليلى العبيدي أن للثقافة التاريخية دوراً فعالاً في الالتزام بقضايا الأمة، موضحةً أن انتكاسة الثقافة والمثقفين ليست سمة عربية، وإنما قضية تعيشها الإنسانية برمتها وبدرجات متفاوتة في هذا العصر، وأكدت
د.العبيدي أهمية العمل على أن يتخلى المثقف العربي عن الأيديولوجيات الكامنة في أنماط سلوكه، ويكون مواكباً للقضايا التي يطرحها القرن الواحد والعشرين محلياً وعالمياً ليكون ذا أثرٍ فاعلٍ في المجتمع، وأن تقوم سياسة الدولة وأساسها على الثقافة، وذلك للنهوض بمواطنيها في سائر مجالات الحياة.
وأشارت
د.عزيزة الطائي إلى دور الأدب في تشكيل الوجدان الجمعي وانعكاس ذلك على الحياة العامة وتوجيه الرأي العام في الدول العربية، موضحةً بأن الأدب يشكل رافداً مهماً في تقدم الشعوب وتوجيه مسار الإنسان بما يحمله من سياقات تعبيرية، ولفتت
د.الطائي إلى أهمية قراءة الأدب العالمي والانفتاح عليه لما يحققه من دور في فهم الحياة المعيشية والثقافية والفكرية بين الماضي والحاضر وصولاً إلى التنبؤ للمستقبل لكونه يمنح القارئ اتساع الأفق وعمق الرؤى الفكرية والاطلاع على طبيعة الآخر.
وتحدث
د.أيمن فؤاد السيد عن الأيديولوجيات في المنطقة العربية، موضحاً بأنها من أهم التحديات الداخلية التي ينبغي العمل على حلها، وذلك من خلال استيعابها وتعزيز أطر التواصل والتعاون والإقناع بين المثقفين والقاعدة الشعبية، كما أشار
د.السيد إلى أهمية العمل على إحياء دور الصالونات والمنتديات الثقافية في المنطقة العربية، والانفتاح على الآخر والتواصل المباشر معه وتعلم لغته لما لذلك من أثر في استيعاب التحديات ومواكبة التغيرات المتسارعة في العالم.
وبًيّنَ
د.إبراهيم بدران دور المثقف في المجتمع وأهمية انفتاحه على الأمم الأخرى وتقدمها، وأن ثقافة العلم والمعرفة أصبحت جزءاً من ثقافة النخب والثقافة السياسية وثقافة الدولة، وأن السلوك الكلي للدولة والأمة يرتبط بشكل أساسي بالثقافة المجتمعية المرتبطة بدورها بالحالة الإنتاجية والاقتصادية، مؤكداً أن المجتمعات تتطور من خلال العلم والإنتاج واستشراف المستقبل والتكنولوجيا، وأن يعمل صناع القرار على إشراك أهل العلم والثقافة في وضع الخطط لحل الأزمات والمشكلات.
وتناول
د.رياض ياسين ثقافة الإلتباس وتعدد الثقافات في الوطن العربي، وقيمة الثقافة العربية وإسهاماتها عالمياً، وأهمية تعليم الثقافة العلمية واقتصاد المعرفة، مؤكداً بأن الثقافة الدينية هي الثقافة الأكثر وضوحاً بين الثقافات المتنوعة الموجودة في المجتمعات العربية، وأن دور المثقف التنويري يحتم عليه الاشتباك مع القضايا والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه المجتمع.
وأشار
د.سالم الفقير إلى دور المثقفين الأردنيين في مواجهة التحديات، وإلى مفهوم الثقافة والكلمة لكونها الأداة الأقوى من أدوات المثقف، موضحاً بأن الفكر العربي الذي يتعامل معه المثقف اليوم يختلف كثيراً الفكر الذي ساد خلال السنوات السابقة نتيجة انفتاحه على العالم، مبيناً بأننا بحاجة إلى صناعة ثقافة عربية حقيقية تقوم على أفق ثقافية جديد رؤية وفكر جديدين.
هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين في اللقاء والحضور حول القضايا التي طُرحت.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.