يقف موقع المريغات الأثري "الدولمنز" في بلدة ماعين شاهدا على الأهمية التاريخية التي تحظى بها مادبا، ويعتبر أول موقع تقام فيه طقوس دينية احتفالية موسمية مؤرخة حتى الآن وبما يحتويه من أقدم هندسة معمارية وجدت في الأردن.
وقال مدير آثار محافظة مادبا خالد الهواري، إن موقع المريغات تتميز هندسته المعمارية من خلال بناء القرية التي تشمل على المعبد والأنصاب الحجرية وقبور "الدولمنز" التي لا تزال تقف شاهدة على تلك الحقبة التاريخية الهامة والتي تعود إلى العصر الحجري النحاسي في الألف الرابع قبل الميلاد.
وأضاف الهواري، أن مدافن "الدولمنز" ازداد انتشارها خلال العصور البرونزية في الألف الثالث والثاني قبل الميلاد.
وموقع المريغات ليس الوحيد في محافظة مادبا، إنما يوجد فيها بحسب بيانات دائرة الآثار العامة 277 موقعا أثريا، منها ما هو مؤهل سياحيا، ومنها ما هو قيد التنقيب والتأهيل تمثل حقبا تاريخية من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر العثماني المتأخر فيما هناك المئات من المواقع التي لا تزال غير مكتشفة.
ويقع موقع المريغات الأثري إلى الجنوب من بلدة ماعين وعلى بعد حوالي 12 كم إلى الجنوب الغربي من مدينة مادبا، وهو عبارة عن أنصاب حجرية تعرف باسم أنصاب "الدولمنز"، كما يوجد مجموعة الحجارة المنتصبة أو ما يعرف بـ"الحجر المنصوب"، وحيث يعتقد أن الموقع شعائري ديني بدليل وجود ما يشبه المعبد بالقرب من قبور "الدولمنز" .
وبين الهواري، أن الموقع يؤرخ إلى نهاية العصر الحجري النحاسي وبداية العصر البرونزي المبكر، حيث يتألف الموقع من بقايا معالم معمارية دائرية ومستطيلة الشكل ذات أرضيات مرصوفة بالحجارة وحقول من "الدولمنز" .
ويقوم فريق أثري من جامعة كوبنهاغن الأميركية برئاسة الدكتورة سوزان كيرنر وبالتعاون مع دائرة الآثار العامة بالتنقيب في هذا الموقع منذ عدة سنوات، حيث أثمر العمل عن اكتشاف عدد من العناصر الأثرية المهمة التي دلت على أهمية هذا الموقع.
من جانبه، أكد أستاذ حفظ وإدارة الآثار في جامعة اليرموك الدكتور زياد السعد، أن آثار "الدولمنز" جزء أساسي من التراث الحضاري، وتلقى عناية كبيرة لدى الدول المتواجدة فيها مثل، بريطانيا وكوريا لقدمها والتي تعود لأكثر من 6 آلاف سنة .
وأضاف، أن المسوحات الأثرية التي أجريت القرن الماضي تشير إلى وجود نحو 12 ألف نصب "الدولمنز" في الأردن من بينها موقع المريغات ومواقع أخرى في الأردن ولكن لم يتبق منها سوى 2400 نصب "الدولمنز" .
وأشار إلى ميزة آثار "الدولمنز" والتي تحمي نفسها بنفسها نظرا لطبيعتها الحجرية والحفاظ عليها ولا يحتاج موازنات كبيرة والمطلوب منع الاعتداء عليها من المحاجر والمقالع والباحثين عن الدفائن.
وبين الهواري، أن المواقع الأثرية في محافظة مادبا، تعد من أهم المواقع الأثرية التاريخية التي سجلت سطورا من التاريخ الأردني، إذ أنه نتيجة لطبيعة المنطقة وتنوع تضاريسها استوطن فيها الإنسان منذ أقدم العصور ، مشيرا إلى حرص دائرة الآثار العامة منذ تأسيسها على تنفيذ العديد من المشاريع والتنقيبات الأثرية في منطقة مادبا وتعمل وفق أولويات ضمن إمكانيتها لصيانة وترميم المواقع الأثرية.
وأضاف، أن الدائرة عملت على توجيه أنظار العديد من الجامعات والبعثات الدولية إلى مادبا وبالتالي نتج عن ذلك اكتشاف العديد من المواقع الأثرية المهمة والتي تم تأهيلها سياحيا مما جعل مادبا تنافس في المركز الثاني بعد البترا في أعداد الزوار الأجانب وحصد الألقاب وأخرها فوزها بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2022.
وحول جهود تطوير الموقع، بين أنه بالتعاون مع مجلس محافظة مادبا تم دعم هذا القطاع وضمن موازنة 2019 باستملاك ما يقارب 57 دونما من موقع المريغات الأثري وتم أيضا تخصيص قرابة 300 دونم في الموقع لصالح دائرة الآثار العامة، آملا استمرار دعم مجلس محافظة مادبا هذا القطاع لما له من دور في الحفاظ على الإرث الحضاري الأردني.
وقال عضو مجلس المحافظة خالد العرامين، إن موقع المريغات الأثري يشتهر بأحجار "الدولمنز" ، وحظي بدعم مجلس المحافظة لاستملاك الأرض، مطالبا باستمرار جهود تأهيل الموقع وتجهيزه ليكون موقعا مؤهلا للزوار وإضافته للمسارات السياحية في محافظة مادبا.