احتَفَلَتِ الكنيسةُ الأرثوذكسيَّةُ الرّوميَّةُ يومَ الجمعة بعيدِ الظّهورِ الإلهيّ "الغطاس" فأقيمَت بهذهِ المناسَبَةِ مراسِمُ الحجِّ السّنويّ لكافّةِ رعايا المملَكَةِ تّضَمَّنَ احتفالًا بالقداس الإلهي وتقديس مياه الأردن على الضفة الشرقية لموقعِ معموديَّةِ السَّيِّد المسيح - المغطس.
ترأّسَ الخِدمةَ صاحبُ السّيادةِ المطران خريستوفوروس مطران الأردن للروم الأرثوذكس بمشاركَةِ جمع من الآباءِ الكهنَةِ والشّمامسةِ بحضورِ وزراء ودبلوماسيّينَ وشخصيّاتٍ رسميّةٍ وعامَّةٍ وسطَ مشارَكَةٍ فعّالَةٍ للمجموعاتِ الكشفيَّةِ الأرثوذكسيَّة وأفراد الشبيبة وجمهورِ المؤمنينَ من مختَلَفِ رعايا المملَكة.
وألقى سيادَةُ المطران خريستوفوروس كلمةً روحيّةً ووطنيّةً للمُحتَفلينَ قال فيها : إنَّنا باحتفالِنا اليومَ في هذا المكانِ المقدَّسِ تُلقى على عاتِقِنا مسؤوليَّةٌ روحيَّةٌ وطنيَّةٌ وتاريخيَّةٌ، فبمعمودية السيد المسيح في نهرِ الأردنّ، يجعلُنا كمسيحيّينَ أردنيّين أمامّ مسؤوليَّةٍ كبيرةٍ تتمثَّلُ بتثبيتِ وجودِنا والمحافَظَةِ عليهِ في بلادِنا المقدَّسَةِ وندعو الجميع اليوم للزيارة والتبرّكِ من هذا الموقع الذي وطأتْه أقدام السيد المسيح وانطلقت منه للعالم بشارة الخير والسلام.
وعَطفاً على ما تم تداوله عبر مِنصات التواصل الاجتماعي في الفترة السّابقة، وجه سِيادته الكلام للشباب وقال: كنيستكم تُتابع وهي تَستشعر غيرتكم وغضبكم وحتى تَوجسكم وكلَّ مَشاعركم النابعة عن مَسؤوليتكم وانتمائكم للأردنّ.
لذا أخاطب وعيكم وحِكمتكم بألّا تتفاعلوا مع خطابات الكراهية، وإيّاكم أن تعطوا فُرصةً لأصوات النشاز في مُجتمعنا أو لأصحاب الأقلام السّلبية بأن تُزعزع ثقتكم بمجتمعكم أو تؤثر على حُبّكم لبلدكم وبلد أجدادكم.
هُنا الأردن الذي يَحكمه دُستور عَصري مُتقدم، هُنا المَملكة الأردنية الهاشمية دَولة المُؤسسات والقوانين والأنظمة، هُنا مُواطنون يَتمتعون بكافة الحُقوق.
على رأس هذا البلد مَليك يُحبكم ويَثق بكم وأنتم تعرفون أنه يَسمعكم ومَعكم وبينكم.
عليكم فقط الانتباه لكلام جلالته الواضح، وهو المَنهجية التي يَسير عليها هذا البلد، استمعوا لمُثقفي الوطن من كُتّابٍ وأدباءَ وإعلاميين وفنانين وعُلماء من أصحاب الفِكر المَسؤول الواعي، ولا تلتفتوا مرةً أخرى لأيّ طرحٍ غريب. ترجموا وقتكم وجُهدكم حُباً وإنجازاً للأردنّ.
وتضرّع سيادتُهُ إلى الرَّبِّ الإله أن يمنَحَ صاحبَ الجلالةِ الهاشميّةِ الملك عبدالله الثّاني ابن الحُسين كلَّ بَرَكَةٍ ونِعمَةٍ من لَدُنْهِ مؤكِّدًا أنَّ الدّورَ الهاشميَّ في الوصايَةِ على المُقَدَّساتِ الإسلاميّةِ والمسيحيّة يُساهِمُ في دعمِ الوجودِ المسيحيّ وتثبيتِه ويُساعدُ صاحبَ الغبطَة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثّالثِ بطريركَ المدينةِ المُقدَّسةِ أمامَ التّحدّياتِ الصّعبةِ التي تواجِهُها الكنيسةُ في القدس داعيًا لضَرورةِ الالتِفافِ حولَ غِبطَتِهِ ودعمِ مواقِفِهِ ما يُساهِمُ في دعم المقدِسيّينَ في الحِفاظِ على وجودِهِم وممتلكاتِهِم وحقنا التّاريخيّ والوطني في المدينة.
كما تقدَّمَ بالشُّكرِ لسُمُوِّ الأميرِ غازي بن محمد كبيرِ مستشاري جلالةِ الملك للشّؤونِ الدّينيّةِ والثّقافيّةِ على جهودِهِ الكبيرةِ المبذولَةِ مَعَ هيئةِ موقِعِ المغطسِ التي يرأسُها، ولوزارةِ السّياحةِ والآثارِ وهيئةِ تنشيطِ السّياحةِ وجيشِنا العربيّ وأجهزَتِنا الأمنيَّةِ ولكلّ المحطات والمواقع الإخبارية المحلية والعالمية ولكلِّ مَن ساهَمَ في إنجاحِ هذا الاحتفال.
وفي الختام أقامَ سيادتُهُ خدمَةَ تقديسِ الماءِ مُبارِكًا الحاضرين، ثمّ غطّسَ الصّليبَ المقّدَّسَ في النّهر كالعادةِ لتقديسِهِ مُطلِقًا الحمامَ الأبيضَ رمزَاً للرّوحِ القدسِ الذي رفَّ فوق مياه نهر الأردن عندَ اعتمادِ السّيّد المسيح.