الادخار هو علم وفن، ويعرفه علم الاقتصاد بأنه الجزء من الدخل غير المخصص للاستهلاك والذي يودع عادة في حسابات بنكية أو يستخدم على المدى القصير (أدوات مالية وحسابات لأجل)، وهو أيضا حفظ السيولة لأغراض الاستخدام على المدى القصير (مصاريف غير متوقعة، السفر، شراء الأثاث.. إلخ).
وجميع هذه السياسات الادخارية تستهدف حفظ الفوائض لأزمات المستقبل، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يستطيع الأفراد الادخار في أوقات الأزمات كالتضخم الذي وصل إلى معدلات قياسية لم تشهدها معظم بلدان العالم منذ نحو خمسين عاماً؟.
ولأن التضخم يعني الارتفاع في المستوى العام للأسعار، فهذا الارتفاع يقابله بالضرورة انخفاض في القوة الشرائية وبالتالي فإن عملية ادخار العملة مع وجود ضغوط تضخمية هو خفض لقيمتها، لذلك فالعملات التي تعاني التضخم أمام عملات أخرى صعبة مثل الدولار سيصيبها بالضرورة نوع من التآكل والتراجع، وفقاً للخبير الاقتصادي وضاح الطه الذي أكد أنه يجب أن يكون بعملة لا تعاني الانخفاض أو عملة تحافظ على قيمتها مثل الدولار أو العملات المرتبطة به بسبب أدائها الإيجابي الناتج عن رفع معدلات الفائدة.
ويشرح الطه في حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن الادخار والحفاظ على قيمة العملة في أوقات التضخم يكون من خلال الاستثمار في أصول قادرة على النمو ولا تعاني من انخفاض في القيمة بسبب الظروف الاقتصادية، مشيراً إلى أن الذهب يعد أداة ممتازة من أدوات الادخار على الرغم من انخفاض سعره منذ بداية العام الجاري 9 بالمئة لكنه على المدى البعيد يعد مخزناً للقيمة.
وأشار الطه إلى أن الربع الثالث من العام الجاري شهد أعلى وتيرة شراء ربعية للذهب من قبل بعض البنوك مركزية في العالم منذ نحو 50 عاماً عندما كان الدولار يرتبط بقاعدة الذهب، وكذلك كمية شراء الذهب بالتجزئة من قبل الأفراد خلال الفترة ذاتها كانت أكثر من 1180 طناً، كما أشار إلى أن العقار أصل استثماري جيد ويساعد على التحوط من الغلاء وبالتالي يعد ملاذاً آمناً ويحافظ على قيمته في أوقات التضخم على أن يكون الشراء في مواقع رئيسية.
من جهته، يؤكد الخبير المصرفي حسين القمزي أن التضخم يجلب حالة من عدم اليقين للأفراد ويقلل القوة الشرائية للمستهلكين ما يجدد أهمية ادخار المال وإعادة استثماره بهدف الشعور بمزيد من الأمان خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة.
وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قدم القمزي وصفة ادخار مكونة من سبع نصائح في حال كانت معدلات التضخم مرتفعة أولها، تخصيص مبلغ معين من المال كل شهر ليذهب الى حساب "طوارئ"، بمعنى توفير ما يساوي رواتب ثلاثة أشهر على الأقل والأفضل ستة أشهر، في حال فقد الشخص وظيفته إذ تقلل الشركات عادة من موظفيها في أوقات التضخم، مشيراً إلى ضرورة استعداد الشخص لهذا الأمر من خلال إيداع المبلغ بعد اكتماله في وديعة مصرفية قصيرة الأجل.
ويضيف القمزي في النصيحة الثانية: "بعد نجاح الشخص في توفير مبلغ الطوارئ عليه أن يبدأ بتوفير مبلغ شهري يساوى 10 بالمئة من دخله، (ومن الجيد إذا كان الزوجان يعملان فالتوفير يكون 10 بالمئة من راتب كل منهما شهرياً)، وكلما تم تجميع مبلغ معين يمكن شراء سندات وشهادات استثمار، فعوائد سندات الخزينة الأميركية حالياً على سبيل المثال تبلغ 4 بالمئة".
وطالب القمزي في النصيحتين الثالثة والرابعة بعدم شراء الشخص لسلع تفقد قيمتها مع الوقت، مثل سيارة جديدة أو تجديد الأثاث أو الديكور أو أي تحسينات في المنزل مع ضرورة تأجيل هذه القرارات مؤقتاً، إلى جانب تقليل المصاريف دون مبالغة في ذلك مثل إلغاء عادة تناول الطعام خارج المنزل وإلغاء الاشتراكات الشهرية غير الضرورية.
ويتابع القمزي في النصائح الثلاث الأخيرة" في حال كان لدى الشخص دخل إضافي يأتي من إيجار عقار مثلاً فعليه رفع السعر لتعويض الزيادة في التضخم، ومن الأهمية بمكان أيضاً تحدث الموظف مع مديره وطلب زيادة لتعويض نقص القوة الشرائية في الراتب إذ إن الكثير من الشركات تفعل ذلك عن طريق زيادة أسعار منتجاتها وخدماتها ومن ثم زيادة علاوة غلاء للموظفين، وأخيراً على الفرد جعل الاستثمار عملية مستمرة".