دقيقة اخبار
أضحت الصناعة الوطنية اليوم تتبوأ مكانة مرموقة محليا ودوليا، لاسيما بعد جائحة كورونا والبلاء الحسن الذي قدمته الصناعة ومساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي والمجتمعي بتوفيرها لاحتياجات المستهلكين.
هذه المكانة عززتها رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني للحكومة بالعمل للوصول الى دولة الإنتاج، ولا يتأتى الإنتاج إلا من خلال صناعة قوية منافسة متطورة.
لا يخفى على أحد التطور الكبير الذي شهدته الصناعة خلال السنوات القليلة الماضية توجتها الأرقام الصادرة أخيرا، حيث نمت الصادرات لتسجل رقما قياسيا هو الأعلى في تاريخ المملكة، وحصول الأردن على المستوى الأول من حيث نسبة الصادرات إلى الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى مساهمتها القوية في خلق فرص عمل وتشغيل الشباب.
غرف الصناعة، لا سيما غرفتي عمان والأردن كانت محجا للوزراء والمسؤولين في السنوات الأخيرة، حيث أخذت الغرف دورها الحقيقي في صنع القرار الاقتصادي. وشارك نحو 80 عضوا ينتسبون إلى غرف الصناعة في مناقشات رؤية التحديث الاقتصادي والإداري، من أصل 400 مشارك، شكلوا ما نسبته 20 % من المشاركين، مما يعطي مؤشرا واضحا على قوة الغرف الصناعية وقوة القطاع وممثليه ومتانة العلاقات التي بناها القطاع الصناعي مع القطاع العام ليتولد عنها رؤية تحديث اقتصادي تبنتها المملكة للسنوات العشر القادمة.
هذه المكانة لم تكن لولا الإنجازات التي حققها القطاع الصناعي، الذي بات السفير الحقيقي للمملكة بتواجده في أسواق 140 دولة حول العالم، حيث استطاع منافسة منتجات دولا عدة تدعم منتجاتها، رغم ارتفاع كلف التشغيل في الأردن.
وبموازاة كل تلك الإنجازات يقف القطاع اليوم على مفترق طرق وعلى أعتاب انتخابات تشهد زخما كبيرا وانقساما لم تشهده أي انتخابات سابقة تتشابه فيه مع حميمية انتخابات الأحزاب السياسية من حيث الزخم والانقسام والاتهامات المتبادلة بين الكتل المتنافسة.
هذه الحالة الاستثنائية للانتخابات التي ستجري بعد يومين والتي يتنافس فيها كتلتان على مقاعد مجلسي غرفتي عمان والأردن جاءت بعد إنجازات عظيمة سجلتها الصناعة الوطنية ومكانة مرموقة احتلتها محليا أصبحت فيه الغرف لاعبا أساسيا على طاولة الحوار الحكومي وبمثابة لوبي ضاغط يشارك فيه القطاع الصناعي بفعالية في صنع القرار الاقتصادي بعد غياب طويل استمر لعقود.
هذه الحالة تفتح الباب على العديد من الأسئلة وتضع الناخبين الصناعيين في حيرة كبيرة، ماذا عليهم أن يفعلوا؟ ومن ينتخبوا؟ هل عليهم أن ينتخبوا كتلة بكامل أعضائها في الغرفتين عمان والأردن بناء على برنامجها الانتخابي في محاكاة لواقع الأحزاب في الدول المتقدمة؟ أم عليهم ممارسة ذات الأسلوب السابق في التخليط ما بين الكتل لتستمر حالة الانقسام وتبادل الاتهامات لأربعة أعوام قادمة؟
هل سيفعل الصناعيون ما عجز عنه الساسة؟ من حيث اختيار كتلة واحدة من دون تخليط بناء على برنامجها الانتخابي ولقناعة تامة بأعضاء الكتلة ورئيسها من حيث قدرته على تحقيق الإنجازات وتمثيل القطاع وتوحيد الجسم الصناعي والحفاظ على مكتسبات القطاع وزيادة تنافسيته وتعزيز صادراته.
الأيام القليلة القادمة ستكون حُبلى بالمفاجآت، والنتيجة ستكون ربما صادمة للمراقبين والمحللين، وبغض النظر عن النتيجة والكتلة الفائزة بالانتخابات إلا أن القطاع الصناعي شَكَّل حالة استثنائية على الساحة الاقتصادية الأردنية، لم يسبقه إليها أي قطاع اقتصادي آخر.
كل ما علينا هو أن ننتظر ما ستسفر عنه الانتخابات لنعرف ما هو مزاج الناخب الصناعي ومع أي خيار يقف وما هو البرنامج الذي سيتبناه والأشخاص الذين سيكملون مسيرة البناء والإنجاز.